سامیة أوتزنیت
حینما تأتي سیرتها، تجتاح سیدات أكادیر، اللواتي تخرجن من مدرسة “البنات” بتالبرجت، مشاعر مختلطة، بین حنین وشجن.
“فابر سیمون”، المدیرة الصارمة، ذات كفاءة عالیة، المتفهمة في كثیر من الأحیان، بل وحتى السباحة الماهرة هي الفرنسیة “سیمون فابر”، الشخصیة القائدة التي انبهرت بها تلمیذات المدرسة، إبان الخمسینیات والستینیات من القرن الماضي، وتربى على یدها جیل كامل من بنات أكادیر اللائي وجدن إلى مقاعد الدراسة سبیلا.
تضم هذه الصورة الأكادیمیین الذین قدموا الكثیر لمدینة أكادیر. على الیسار ، یوجد شارل سیمون ، یحمل بین ذراعیه ابنه الأكبر “بییر”، إلى جانبه زوجته “فابر”، و”فیلیب” الذي كان مفتشا.
تقول إحدى خریجات المدرسة إن السیدة فابر سیمون كانت دائمة الابتسام بالرغم من صرامتها، وأنها أوفت بواجبها التربوي والإنساني تجاه أجیال هؤلاء الفتیات اللواتي أصبحن سیدات.
والیوم هن جدات متحررات ومثقفات جدا، ومن هن من تقلدت مناصب مهمة في الوزارات والأكادیمیات التعلیمیة وغیرها.
كانت السیدة “سیمون فابر”، كما تنادیها التلمیذات، مدیرة نموذجیة لمدرسة البنات الإسلامیة في حي “تالبورجت” القدیم بأكادیر. وكانت تمیز هذه المدرسة بـ”الإسلامیة”، لكون الحي ضم أیضا مدارس للتلامیذ الیهود وأبناء الأوروبیین الذي سكنوا الحي في الفترة الاستعمار وحتى بعد الاستقلال.
كانت لمدرسة البنات الإسلامیة واجهة في شارع “مولاي یوسف”، وشارع “العزاوي”، الذي یقود إلى محطة الحافلات، ومنه إلى المدرسة التي أدارتها رفقة زوجها شارل سیمون.
تم افتتاح هذه المدرسة عام 1950 وحلّت محل المدرسة الإسلامیة الصغیرة للبنات في شارع “الشتوكي”.
بین سنتي 1952 و1953، أضیفت مساكن رسمیة ومباني إداریة على جانب شارع “مولاي یوسف”.
لعبت هذه المدرسة الأیام التي أعقبت الزلزال أدوار مهمة، فكانت المقر الرئیسي لإغاثة المنكوبین، وجمع المقتنیات التي تم العثور علیها حتى إعادتها إلى أصحابها. كما تم استخدام شرفة المدرسة لمتابعة سباقات السیارات، التي كانت تقام بالمدینة.
توضح هذه الصورة موقع مدرسة البنات الإسلامیة (في الجهة رقم 1 ،(المدرسة التي كانت بالتأكید عزیزة على “سیمون فابر”.
یقول الحسن الرصافي، ابن مدینة أكادیر، وصاحب هذه الصورة، إن المدرسة كانت كبیرة جدا وواسعة، مع أماكن للموظفین بجوارها مباشرة.
في الجهة رقم 3 كانت تقع مدرسة “بوسك” (BOSC) على بعد حوالي 100 متر من هذه المدرسة ، في الطریق إلى مستشفى “لیوطي”. فیما تقع محطة الحافلات في الرقم 4 أمام فندق كان یسمى “موكادور”.
ویتذكر لحسن الرصافي باقي المواقع القریبة من المدرسة التي تحمل ذكریات الطفولة، من قبیل مخبز “سمران” (رقم 5)، “الذي كنا نبحث فیه عن الأخبار، یقع على بعد 20 متًرا بجانب شارع مولاي یوسف المؤدي إلى المسجد الكبیر”.
إلى حد كتابة هذه السطور، تعیش السیدة فابر سیمون بسلام في فرنسا، بعمر تجاوز المائة عام (هي من موالید 1917.(وتحكي إحدى طالباتها القدامى وتدعى “مونیك”، كیف أنها سرت بزیارتها لواحدة من أكثر المدیرات شهرة في تاریخ أكادیر المعاصر.
صحیح أن فابر كانت معروفة بقسوتها، حتى إن لها سمعة “سیئة” بین بعض التلمیذات، إلا أن محبي مدینة أكادیرن ممن یتذكرون طفولتهم وأیام دراستهم في مدرسة البنات الإسلامیة، ممتنات جدا لما قدمته فابر سیمون في المجال التعلیمي والتربوي لأكادیر، خصوصا ماقبل زلزال 1960.