تنشر جريدة “أكاديرإنو” بتعاون مع جريدة le12.ma، طوال الشهر الفضيل، ربورتاجات وبورتريهات حول أشخاص وأمكنة من سوس العالمة، كان لها الأثر في أحداث ووقائع يذكرها الناس ويوثقها التاريخ..
حلقة اليوم تدور حول المتحف الجامعي للنيازك.. وسؤال هل تتحول أكادير، إلى قبلة للسياحة الفلكية؟.
* سامية أتزنيت
ذاع صيت مدينة أكادير داخل وخارج أرض الوطن بكونها بلاد الشمس والبحر، والوجهة السياحية المفضلة بالمملكة المغربية.
لكن ما يٌجهل عنها أنها مدينة ذات مقومات طبيعية ومؤهلات، ستمكنها مستقبلا، من تنشيط ما بات يعرف عند البعض بـ ’’السياحة الفلكية’’.
وذلك عبر جلب اهتمام مزيد من الزوار والسياح، مغاربة وأجانب على حد سواء، من هواة ومحبي الرصد الفلكي، ومراقبة الكواكب والنجوم وممن تستهويهم النيازك.
سبق مغربي
ولمن لا يعرف، فإن مدينة أكادير تضم متحفا للنيازك هو الأول من نوعه في الوطن العربي وشمال أفريقيا.
يتعلق الأمر بالمتحف الجامعي للنيازك، الذي يسعى بشكل أساسي إلى الحفاظ على النيازك المغربية وحمايتها، ومنع بيعها إلى دول أخرى في السوق السوداء.
يقع المتحف، الذي يضم حوالي 150 حجرا نيزكيا فريدا، في جامعة ابن زهر في مدينة أكادير. تبلغ مساحته 180 مترا مربعا، ويضم قاعتين، الأولى خاصة بالعروض المرئية للأفلام الوثائقية والمواد البصرية المتعلقة بعلوم النيازك.
فيما تضم القاعة الثانية واجهات خاصة بعرض مختلف أنواع النيازك مع معلومات تفصيلية عن تاريخها ومكان العثور عليها.
تحمل أغلب القطع النيزكية التي تم العثور عليها أسماء الأماكن التي وجدت بها، كنيزك أوسرد، ونيزك تيسينت، ونيزك أمكالا، ونيزك زكورة، ونيزك الزاك.
ثم نيازك أخرى تحمل اسم نيازك شمال شرق إفريقيا، نظرا لعدم توفر المعلومات عن مكان وتاريخ سقوطها.
الثروة العلمية
وينافس المتحف المغربي الذي أحدث عام 2016، متاحف مماثلة، توجد فقط في الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا. والتي ’’استولت‘‘ بعضها على نيازك مغربية بطرق ’’غامضة‘‘
فكان الهدف من إنشاء هذا المتحف هو الحفاظ على الموروث العلمي المغربي للأجيال القادمة. وقد تم جرد أكثر من 1500 نيزك مغربي في قاعدة بيانات، من بينها مجموعة ذات قيمة علمية كبيرة تشمل أكثر من 20 نيزكا أتت من المريخ. وذلك من بين 56 نيزكا من هذا النوع، تم العثور عليه عالميا.
يقول رئيس المتحف عبد الرحمان إبهي، في حديث مع “سكاي نيوز عربية”، إن المتاحف العالمية الكبرى بها أقسام مخصصة لـ”نيازك شمال شرقي إفريقيا”، علما أنها نيازك مغربية مائة بالمائة.
وأنه منذ أواخر عام 2020 بات يوجد أكثر من 700 نيزك مغربي في المتاحف العالمية.
وأكد ابهي أن متحف أكادير للنيازك يعد ’’ثروة وطنية‘‘، وأن نيازك المغرب تحتاج إلى مزيد من الاهتمام، من طرف السلطات المعنية.
ويري فيما يراه من المستقبل القريب، أن يكون المغرب قبلة مميزة للسياحة الفلكية، داعيا إلى افتتاح مزيد من المتاحف الأخرى في المملكة، التي تهتم بالفضاء والفلك والنيازك.
سياحة فلكية بأكادير
التفكير في السياحة الفلكية بشكل جدي، سيسمح باستقطاب السياح من مختلف بقاع الأرض، ومن مختلف الفئات العمرية أيضا، ممن يهتمون بالنيازك ومراقبة النجوم والمجرات.
فالموقع الجغرافي للمغرب مميز ومناسب جدا لمثل هذا النوع من السياحة، إذ يشتهر بتساقط النيازك على أراضيه، خاصة في المناطق الجنوبية التي تحظى باهتمام الكثير من الباحثين والخبراء في علم الفلك.
والأكثر من ذلك أن منطقة سوس ماسة والجنوب المغربي عموما، تتمتع بسماء صافية بين البر والبحر دون أي تلوث ضوئي. ويعدان كذلك مكانا مناسبا للعثور على الصخور النيزكية أو أخرى ذات قيمة علمية كبرى.
سيشكل تشجيع السياحة الفلكية إضافة نوعية مهمة لباقي المنتجات السياحية بأكادير، قطب نمو جهة سوس ماسة، وضمان جودة السياحة والتنمية المستدامة والمسؤولة، علما أن “السياحة التي تجمع بين الاسترخاء ومتعة التعلم هي موضوع طلب متزايد في العالم‘‘، مثلما قال الخبير الفلكي ومدير المتحف في تصريح صحفي.
وأكد في ذات السياق أن مئات الآلاف من النيازك والحفريات والنقوش الصخرية، تؤثث منطقة سوس ماسة، ما يعد تراثا جيولوجيا وسيشكل مصدر دخل كبير للجهة، وليس فقط مجرد أداة علمية وتعليمية.
إن تطوير متحف النيازك حتى يصبح متحفا جهويا متطورا للنيازك والصخور المرتبطة بها في أكادير، سيحرك التنمية البشرية والثقافية والاجتماعية والسياحية في منطقة سوس ماسة
وسيتأتى ذلك بتشجيع انشطة موازية مرتبطة بالسياحة الفلكية في أكادير، من قبيل مراقبة السماء وبرمجة رحلات ذات طبيعة استكشافية علمية سياحية، وتنظيم حملات التنقيب عن الأجرام السماوية، خاصة في المناطق المعروفة بسقوط النيازك مثل ضواحي أكادير، ومنطقة طاطا، وورزازات.