مع حلول شهر رمضان المبارك، تعود تجارة التمور إلى الازدهار بأسواق مدينة طاطا، والتي تتميز واحاتها بأجود التمور المغربية، إذ تعد من الأصناف الغذائية التي لا غنى عنها على موائد الإفطار.
ولا تتمثل قيمة التمر في الفوائد الغذائية فقط، بل في كونه مكونا حاضرا في المناسبات الدينية والاجتماعية لساكنة إقليم طاطا، حيث يقدم للضيف مع الحليب، تعبيرا عن حسن الاستقبال والجود والكرم.
ويمتاز إقليم طاطا بانتشار واحات النخيل الشاهقة، والتي تثمر أنواعا مختلفة من التمور تجعل من الإقليم من أهم مناطق المملكة التي تشتهر بإنتاج التمور الجيدة، والتي يتم تسويق كميات كبيرة منها على الصعيدين المحلي والوطني.
وتختلف أشكال التمور وفقا لنوعيته، فعلى سبيل المثال يوجد نوع يسمى المجهول، يحصد بعناية تامة تمرة بتمرة، ويتميز بحجمه الكبير وغلاء سعره، في حين تحصد الأنواع الأخرى بقطع فروع النخيل ويتم تجميعها بعد سقوطها.
وفي هذا الصدد، يقول صاحب أحد محلات التمور بالمدينة، إن مبيعات التمور في الشهر الكريم تتضاعف عشرات المرات، وتصدر حتى إلى مدن أخرى، مضيفا أن شهر رمضان من أهم مواسم البيع بالنسبة للتجار، حيث يزداد الإقبال على الشراء من محال السوق قبل رمضان أوخلاله أضعاف أشهر السنة الأخرى.
وأبرز أن تجارة التمور تعد ثروة طبيعية لهذه المنطقة، “فالكثير من الفلاحين يمتلكون قطعا أرضية صغيرة، يزرعون فيها النخيل بوسائل حرفية”، لافتا إلى أن النخيل يعتبرونه شجرا مباركا يتم الاعتناء به كما لو كان أحد أفراد العائلة.
ومن أجل تثمين هذا المنتوج، تم تأسيس مجموعة من التعاونيات الفلاحية، التي تهتم بكل ما يتعلق بانتاج وتسويق التمور على المستوى المحلي.
ومن بين أشهر هذه التعاونيات بالمنطقة، نجد التعاونية الفلاحية “أفرا” بدوار تاوريرت باقليم طاطا، والتي تأسست سنة 2009، وبدأ الاشتغال بها سنة 2011 من أجل المساهمة في تسويق المنتوجات الفلاحية التي تقوم التعاونية بتصنيعها متل مربى التمر، عجين التمر، دبس التمر، مسحوق نواة التمر ومنتوجات أخرى كثيرة.
وفي هذا الصدد، أوضح رئيس تعاونية “أفرا”، الحسين منصور، أن التعاونية سطرت جملة من الأهداف في نظامها الأساسي، شكلت محور اشتغالها، من بينها، ثتمين التمور ومشتقاته، الرفع من جودة التمور من أجل تسويقها بأثمنة مناسبة، وكذا تمكين الفلاحين من تخزين التمور للحفاظ على جودتها، إضافة إلى الإسهام في النهوض بالقطاع الفلاحي.
وأضاف أن التعاونية تتوفر على وحدة لتثمين التمور تبلغ سعتها 50 طنا، وتعد دعامة أساسية للرفع من الإنتاج وجودة التمور خاصة في شهر رمضان، مبرزا أن التعاونية حققت أهدافها بدعم من برنامج تنمية الواحات والمندوبية الاقليمية لوزارة الفلاحة والبرنامج العالمي للمنح الصغرى والمعهد الوطني للبحث الزراعي بمراكش وبمساهمة من وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية وبرنامج الأمم المتحدة.
وقد توجت مجهودات هذه التعاونية، بجائزتين كأحسن رواق وأجود تمور بالمعرض الدولي للتمر بأرفود سنتين على التوالي، وأحسن رواق بمعرض أكادير،كما تسلمت شهادة السلامة الصحية للمنتوجات الغدائية وشهادة التصدير.
ويعتبر نخيل التمر من الزراعات التي عمرت بالمغرب لقرون من الزمن، إذ يعد سابع منتج للتمور في العالم، من خلال توفره على حوالي 453 نوعا، وتراهن المملكة على إنتاج 300 ألف طن من التمور مع حلول سنة 2030، ما سيمكنها من تصدير 70 ألف طن في أفق السنة ذاتها.
وتشكل تجارة التمور بصفة عامة، وخلال شهر رمضان خاصة، رافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لواحات طاطا، وتمكن كذلك من تحسين مستوى معيشة الساكنة المحلية، مؤكدة دور نخيل التمر في الحفاظ على الواحات وتنميتها.