بشكل لم يسبق لعمل درامي أمازيغي مغربي أن حققه، يواصل مسلسل “بابا علي” الأمازيغي في جزئه الثالث الذي يعرض بشكل يومي في رمضان على القناة الثامنة “تمازيغت”، في شد انتباه المشاهدين المغاربة، ما يجعله يتفوق على باقي الأعمال المعروضة عبر القناة الأمازيغية الوحيدة في المملكة، ويتصدر قائمتها.
وتحقق حلقات “بابا علي” نسبا عالية من المشاهدة على موقع يوتيوب أيضا، والتي دخلت في منافسة شرسة مع أعمال أخرى ناطقة بالدارجة، خصوصا أن الحلقات رُوفِقت بشريط الترجمة لتمكين غير الناطقين باللغة الأمازيغية من متابعة المسلسل الأمازيغي.
المسلسل يعكس موروثا غنيا
وقال مخرج المسلسل، مصطفى أشاور، إن “سر نجاح هذا العمل التلفزيوني في جزئه الثالث، يكمن في ارتباط المشاهد الأمازيغي بشكل وثيق بالمسلسل، خاصة أنه يجد فيه انتماءه لموروث ثقافي غني، ويشده إلى أصله وتقاليده”.
وتابع أشاور، في تصريح صحفي، أن مسلسل بابا علي الأمازيغي “تناول العديد من القضايا؛ أهمها الاعتدال الديني، ومحاربة التطرف، والتسامح والتعايش بين الأديان، زيادة على قيمة المرأة في الثقافة الأمازيغية، من خلال تصيب امرأة حاكمة في أحداث العمل الدرامي”.
واعتبر المخرج الأمازيغي أن “الترجمة فتحت الباب لغير الناطقين بالأمازيغية للتعرف على جزء من ثقافة بلادهم وفهمها والتقرب منها”، مضيفا أنه بتوالي أجزاء مسلسل بابا علي، نضجت الأفكار وتطورت”.
يعكس مواضيع درامية عديدة
وتدور أحدث مسلسل “بابا علي” الأمازيغي، الذي تبثه القناة الأمازيغية المغربية في وقت الإفطار، حول رجل بسيط في علاقته بمحيطه العائلي والمجتمعي، داخل قرية جبلية أمازيغية؛ وهي قصة مستوحاة من شخصية “علي بابا” الأمازيغية الأسطورية.
ومن خلال هذه القصة، يناقش المسلسل مواضيع درامية عديدة بالاعتماد على أسلوب مشوق وحبكة درامية مميزة وتصوير رائع، إذ تعكس أحداثه العلاقات الإنسانية والاجتماعية في المجتمع الأمازيغي، إلى جانب مظاهر العيش والتعايش والتسامح، علاوة على العناصر الجغرافية والطبيعية والعمرانية التي تُعرف بمناطق أمازيغية منسية.
وتوفق المخرج مصطفى أشاور في اختيار طاقم من الممثلين الذين جسدوا أدوارهم باحترافية عالية، وسيناريو مسلسل “بابا علي” الذي أشرف على كتابة أجزائه الثلاثة أحمد نتاما، الذي جسد أيضا دور “بابا علي” خلال أحداث الأجزاء، إلى جانب ألمع نجوم الدراما الأمازيغية؛ على غرار أحمد عوينتي، والفنان الحسين بارادواز، وعبد اللطيف عاطف، والحسن شاشاو، إضافة إلى الزاهية الزهيري، وزهرة المهبول تامكروت، وخديجة سكارين.
نافذة لاسترجاع الذكريات
ويرى الكاتب العام للمركز المغربي للإعلام الأمازيغي، حمو حسناوي، أنه “لا يمكن لأحد أن ينكر نجاح مسلسل بابا علي من حيث تحقيق نسب مشاهدة مهمة سواء على القناة أو في المواقع”.
وأضاف حسنا ي، أن ذلك يعزى “بالأساس لتشبث المغاربة وخصوصا الإنسان السوسي (أمازيغ سوس جنوب المغرب) بالأرض والأصل رغم الهجرة، ويرى في بابا علي نافذة لاسترجاع وعيش ذكرى منطقته بلغتها وحكاياتها وأشعارها الموروثة، والتي يتضمنها جانب مهم من سيناريو بابا علي”.
وأضاف المهتم بالدراما الأمازيغية، أن “الشخصيات والوجوه المعروفة المشاركة في المسلسل، زادت العمل الدرامي الأمازيغي قيمة مضافة، وشد إليه شريحة واسعة من الجمهور نظرا لارتباطها بفنانين محددين”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “لغة السيناريو في مسلسل بابا علي، تتعمد الفكاهة المنمقة بالمقالب سواء لغويا أو في إطار ردود فعل في إطار القصة”.
وخلص الكاتب العام للمركز المغربي للإعلام الأمازيغي، أنه هذا لا يعني أن مسلسل “بابا علي” في جزئه الثالث المعروض حاليا على قناة “تمازيغت”، يعد “تجربة مثل كل التجارب لها ما لها وعليها ما عليها”.
لكن “الإيجابي من خلالها بالنسبة لي أنها شدت شريحة واسعة من المغاربة للتعرف على الأمازيغية كلغة أو الرجوع إليها، وهذا ما يحسب لهذا المسلسل”، يستطرد المهتم بالدراما الأمازيغية.