بقلب مدينة تارودانت، بين حومة الرحبة القديمة والزاوية التيجانية، ينتصب مسجد “سيدي وسيدي” شامخا يحكي تاريخه العريق والممتد لعدة قرون.
ويعتبر هذا الصرح الديني والروحاني محجا ومقصدا للعديد من المصلين الذين يفدون إليه بكثافة من داخل وخارج مدينة تارودانت لأداء صلاة الجمعة والصلوات الخمس بخشوع وسكينة وطمأنينة، بالنظر لسهولة التنقل والوصول إليه، والأجواء الروحانية الخاصة التي يتسم بها، خاصة في شهر رمضان الكريم.
وفي تصريح صحفي، قال محمد سرتي، أستاذ وباحث في تاريخ تارودانت، أن اسم المسجد ، ارتبط باسم الولي الصالح أبي محمد صالح بن واندلوس المتوفى بعد عام 1195م والمعروف عند أهل المدينة بـ (سيدي وسيدي) ولعل زاويته كانت هناك، مما يدل أن تأسيس المسجد يرجع إلى ما قبل القرن 10هـ/16م.
وأضاف أن مساحة المسجد تقدر بحوالي 460 مترا مربعا، ويبلغ طول صومعته 13 مترا ونصف تقريبا، وقد جدده السلطان مولاي سليمان العلوي في بداية القرن 19م.
وروعي في بناء مسجد “سيدي وسيدي” الحفاظ على الطراز المعماري المغربي الفريد بكل تجلياته، والزخرفة المغربية الأصيلة التي تتميز بالنقش على الخشب والزليج البلدي والجبص.
وتتوفر هذه المعلمة الدينية على قبة خشبية تتوسط المسجد أنجزت بدقة وحرفية عالية، ونوافذ طويلة تتميز بالعراقة وتأخذ شكلا مميزا، ومحراب مزركش ومزخرف نقشت عليه آيات قرآنية.
ويحتل المسجد مكانة خاصة عند أهالي تارودانت الذين يعتبرونه ذاكرة حية، إذ يأتي في المرتبة الثانية بعد “المسجد الأعظم” وتحيط به أحزمة من البيوت والمعالم الثقافية والتاريخية، كما ينبض الفضاء المجاور للمسجد بحركة تجارية كبيرة.
والأكيد أن مسجد “سيدي وسيدي”، بحمولته ورمزيته التاريخية الكبيرة ونفحاته الدينية العطرة وطرازه الهندسي والمعماري المغربي الفريد، سيظل على الدوام مصدر فخر واعتزاز لساكنة تارودانت.