عندما ينزل المطر بهوارة يختلف على النزول في كل البقاع ؟؟؟
كانت هوارة منذ عقود منبعا للخيرات، حتى وصفت بأنها الشريفة التي تطعم أكثر من نصف الشعب المغربي، وكان نزول المطر بها يخلق أجواء من الحبور في كل أرجائها، تتوفر الخضروات والفواكه ويعج سوقها العامر بالزوار، وتتحرك المدينة إقتصاديا وإجتماعيا ومعها تدور عجلة مدن أخرى كتارودانت وأكادير .
كان يوم الخميس محجا لقوافل من الشباب تأتي من المداشر والدواوير لزرع الحياة بمكانين خاصين: شارع محمد الخامس مكان تواجد سينما برتقال حيث “جاكيشان، وشاروخان” وحي “الزاوية” مكان تواجد ” جاكيشانات من نوع خاص”.
أما باقي الأيام فكان الحي الإداري يتقدم المشهد بكل معنى الكلمة، حيث تواجد “لابريكاد، والباشوية، والمحكمة، والمستشفى، ودار الشباب التي كانت تحتضن شبابا يمارس الرياضة وآخر يغني لمارسيل وأميمة والشيخ إمام، ويبدع في المسرح والقراءة ويتم تهييئه لساحات الجامعة، وساحة المسيرة التي كانت تشبه ساحة “روما” عند الإحتفال بالأعياد الوطنية من كثرة البهرجة والوجوه.
حتى المواعيد الغرامية كانت تتم بفضاء معروف “بن بوشتى” وتزداد حدتها بعد نزول المطر وإكتساء “السافانا” باللون الأخضر.
الآن كل شيئ تغير؟؟؟ تغيرت الوجوه وغادر الأحبة ورحل الكثير من من كانوا بحبون هوارة لبساطتها ولجمالها الطبيعي، تغيرت حتى الأمكنة، وهجر الجميع تباعا إلى الجهة الشمالية ( البوليس، المستشفى، المركب الثقافي، المحكمة، الجماعة، وبقيت لابريكاد يتيمة…).
غادرت السينما وغادرت ساكنة الحي المعلوم ومرتاديه، وغادر المثقفون واختفت أغاني مارسيل، وأميمة، وفيروز، وأم كلثوم، ووردة والكبار… وغادرت فئة عظيمة كانت تقتني القصص والروايات وحلت محلها فئة تقتني أشياء غير مرئية…
هوارة لم تعد ولادة كما كانت فمسؤولوها أصبحت خطاباتهم متشابهة وبئيسة حتى “التنافس” إختفى ليحل “التوافق اللامتوافق عليه”.
جيل ذلك العهد أصبح لايملك سوى ذكريات نوسطالجيا بين المستشفى ودار الشباب، حتى المطر غادر ولم يعد يتذكرنا إلا لإيقاض تلك الذكريات الجميلة التي كادت أن تختفي ويذكرنا أيضا بأن”شباب الخميس” لم ينقرض كما توهمنا وإنما ينتظر أي فرصة لكي يقول لنا ماقاله يوما “العربي بيلضي” (الوقت متلات بغات هنا بغات فرانسا، فرانسا، فرانسا فتحوا الحدود).
بقلم: عزيز شايب (محام بهيئة أكادير)