بدون إنجليزية أو تركية أنت مسطول في مطار إسطنبول..! (الحلقة الأولى)

السفر عبر مطارات “الطرانزيت” قد تبدو للبعض فسحة واستراحة من تعب الرحلات الطويلة، لكنه بالنسبة للآخرين عذاب مادامت تلك الساعات طويلة.

منذ ليلة البارحة إلى صباح اليوم وأنا ممدد على كراسي المطار في انتظار الطائرة التي ستقلني إلى مطار أربيل، كان مبرمجا أن ألتحق مباشرة بعد وصولي بفندق المطار، لكنهم أخبروني بوجوب أن تكون المدة 12 ساعة، هذا الإخبار لم يكن مباشرة بل احتاج مني البحث والجري طولا وعرضا بحثا عن محاور أو مرشد أو دليل.

مكتب الإرشادات به سيدة تقول أنها تتكلم فقط التركية و الإنجليزية، ولأن إنجليزيتي هي من بقايا دروس الثانوي وبعض ما بدأت أتعلمه من أولادي.

أحسست أني بهذا المطار صم بكم، هنا العربية والفرنسية دعهما ببيتك وتعالى لترى بأم عينيك مطاراً دوليا سير بلغة قومية لا يتكلمها العالم، ويستعين بلغة إضافية هي لغة العالم، غيرها هنا لا يفيد ولا يجدي.

هذه ثالث مرة أزور فيها مطار إسطنبول الكبير والضخم، الأتراك تحس بهم في عملهم متفانين، لكنهم يفتقدون إلى تلك الروح التي عند العرب عامة وهي الثرثرة والتواصل والشرح المستفيض.

هنا كل من تكلمه يقبل عليك بابتسامة وما إن يعرف أنك لا تتكلم لغته ومن فوق ذلك لا تتكلم الإنجليزية لا تحس به متحمساً أن يحل لك مشكلة أنت واقع فيها أو حتى الحصول على معلومة كيف ما كان نوعها.

لا تستطيع أن تستوعب لماذا في كل مطارات العالم يحاربون قنينات الماء، قد أتفهم عدم السماح بها في الطائرات، لكن غير مستصاغ أبداً منعها في المطارات.

عندما عبرت نقطة التفتيش فتحت الشرطية حقيبتي وأخرجت قنينتان من وسط ملابسي، وأصدقكم القول أني كنت فعلاً أحس بالعطش، لم تمهلني حتى فرصة أن أطلب منها أن أشربها في الحين، فبمجرد أن أخرجتها بدأت في الصراخ وحملتها ورمتها بسلة المهملات.

ذاك قانون ولا تسأل عن سلوك تطبيقه فالأقوام طباع وثقافات.

أمضيت الليلة والصباح أتجول بين المحلات، الماء يباع في الآلات التي تشتغل فقط بالبطاقة البنكية أو النقود غير الورقية، كان بحوزتي 20 أورو، لكنها لا تصلح أن تستعمل في تلك الآلات.

وما عليك إلا أن تجلس في المقهى وتطلب قنينة الماء الصغيرة التي تصل كلفتها إلى 8 دولار (ثمانون درهم مغربية)!!!!

اماً الأكل فلا يقل عن نفس الثمن من 6 دولارات فما فوق.

استفدت بفضل لقائي بمغربية تتكلم التركية من شحن هاتفي بالإنترنت المجانية التابعة للمطار، وكانت تلك الخطوة هي التي رفعت عني العزلة ومكنتني من الاتصال بالأسرة والأصدقاء وأحبتنا بالأكاديمية.

انا الآن أمام البوابة المؤدية إلى الطائرة المتجهة إلى مطار أربيل، هنا نمت وهنا قضيت الليلة، كنت وحيدا والآن يلتحق المسافرون شيئا فشيئا.

يمكن أن تمر الأمور بسلاسة، وهذا ما أتمناه كما يمكن أن أسمع مرة أخرى كلاماً تركيا لا أفهمه ومعه كلام بالإنجليزية حتى إذا فهمته لا أجد عند الآخر الرغبة في فهم إنجليزيتي بلساني المتلعثم.

في المحصلة، قبل أن تحزم حقيبتك للسفر، تسلح بالعزيمة وأثقن اللغة الإنجليزية، حتى تكتشف متعة السفر، أما الفرنسية فلا تثقل بها حقائبك وأما العربية فجملة واحدة منها مستعملة وهي: السلام عليكم، وبعدها ينتهي الكلام.

وأنا أنهيت كلامي.. فهل تعتبرون؟..

إلى الحلقة القادمة من رحلتي إلى الديار العراقية.

* سيدي علي ماء العينين (اليراع)