مدينة أكادير تتحول إلى فضاء للفرجة الجماعية احتفالا ب”إيض يناير”

مع اقتراب ساعة الصفر إعلانا عن حلول رأس السنة الأمازيغية الجديدة 2975، تحولت فضاءات مدينة أكادير إلى مسرح مفتوح للفرجة الجماعية والتنشيط الثقافي والفني، واستحقت بذلك لقب عاصمة الثقافة الأمازيغية.

حدث استثنائي..

تتواصل الاحتفالات بمدينة أكادير منذ يوم الجمعة الماضي وتستمر إلى غاية يوم الجمعة المقبل، احتفالا برأس السنة الأمازيغية “إيض يناير” ، والتي شكلت حدثا استثنائيا، بعد قرار صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية”.

ونظرا لما تحمله احتفالات هذه السنة من رمزية ثقافية، والتي كرسها الاعتراف الرسمي بهذا الحدث،  فقد بادرت جماعة أكادير إلى تنظيم احتفالية رأس السنة الأمازيغية، وذلك بشراكة مع جهة سوس ماسة، والمجلس الجهوي للسياحة، والوكالة الوطنية لتنمية الواحات ومناطق الأركان، وجمعية تيميتار.

حديقة ابن زيدون تتحول إلى “تاسوقت”

تحولت حديقة ابن زيدون وسط مدينة أكادير، إلى فضاء مفتوح للفرجة الجماعية من خلال تنظيم فضاء “تاسوقت إيض ن إيناير” وهو فضاء أعاد للأذهان تفاصيل الزمن الأمازيغي الجميل، حيث يضم خمس فضاءات، وهي فضاء “أندارو”، فسحة تربوية مخصصة للأطفال، فضاء “ألموكار” لعرض منتوجات التعاونيات المحلية، فضاء “أسالاي” الذي سيشهد معرضا للصور الفوتوغرافية والتحف الفنية الأمازيغية، وفضاء “أسايس” المخصص للفرجة والحكاية والتنشيط الفني، وفضاء الضيافة “تامصريت.

للثقافة الأمازيغية عنوان..

لم يكن الجانب الثقافي غائبا عن هذه الاحتفالية الاستثنائية، حيث تحولت سينما صحراء بحي تالبرجت إلى منصة لعقد ندوات فكرية تلامس عمق الثقافة الأمازيغية، ويتعلق الأمر بتنظيم ندوات فكرية تناقش قضايا مثل “الأمازيغية على ضوء إحصاء 2024” و”الدراما والإنتاج التلفزي الأمازيغي”، بمشاركة نخبة من الباحثين والمختصين.

على نغمات أمازيغية..

وقد احتلت الموسيقى الأمازيغية حيزا كبيرا ضمن برنامج الاحتفالية، حيث تنوعت أشكال الموسيقي في تناغم فريد يجتمع فيه الماضي بالحاضر، حيث شهدت قصبة أكادير أوفلا وساحة الأمل وكل من ساحات تيكوين وبنسركاو، وصلات فنية من فنون أحواش، وفن الروايس، والمجموعات الفنية الأمازيغية العريقة والعصرية، كما تم عرض فيلم “موغا يوشكاد” بكل من أنزا، وتلبرجت وبنسركاو، في إطار برنامج السينما الأمازيغية.

كما تتميز برمجة هذه التظاهرة بتخصيص عدد من النقاط لتذوق الأطباق الأمازيغية على طول كورنيش أنزا وكورنيش أكادير، مع عرض (تنڭيفت) الذي يجسد تقاليد العرس الأمازيغي الأصيل، ترافقه فرق فنية تراثية تمثل التنوع الثقافي لجهة سوس ماسة. 

للسنة الأمازيغية تاريخ..

يختلف البعض في أصل الحدث التاريخي الذي ينسب إليه الاحتفال بـ”إيض يناير”، إلا أن الأمازيغ يجمعون على كونه تقليدا متوارثا منذ مئات السنين، ومناسبة لتجديد التأكيد على تشبتهم بما تجود به الأرض من خيرات، والاحتفال بعلاقة الإنسان بالأرض.

وقد دأبت العائلات الأمازيغية على إحياء “إيض يناير” بطقوس احتفالية، حيث تحرص على تحضير أطباق عشاء خاصة تختلف حسب المناطق، مثل طبق عصيدة “تكلا” الذي يحضر بدقيق الشعير أو دقيق الذرة ويزين بالفواكه الجافة أو البيض المسلوق.

وقد تم تداول عدد من الحكايات حول أصل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية حيث تحكي الأسطورة الأمازيغية أن راعية أغنام عجوز تأففت من حلول يناير، فغضب منها واستعار أياماً من فبراير ليمدد ساعات بردِه حتى قضى على كل قطيعها.

وبين الأسطورة والتاريخ، تحتفل ساكنة أكادير على غرار شعوب المنطقة المغاربية، بحلول سنة 2975 بطقوس توارثوها أباً عن جد، وجعلو من هذا الحدث فرصة لرد الاعتبار للثقافة الأمازيغية والاعتراف بها كهوية لهذه المنطقة من شمال إفريقيا.