نوستالجيا.. شحال جاب ولدك؟.. بنتي جابت 19 أوفاصلة..

غذا أو بعد غذ ستوزع نتائج الدورة الأولى في أسلاك التعليم الإبتدائية والإعدادية والثانوية، وستتصدر مثل هذه العبارات المشهد لأيام.

خلال مرحلة تمدرسنا نهاية الثمانينات والتسعينيات وحتى بداية الألفين لم يكن للنتائج هذه الهالة ولا هذه الأهمية التي نعيشها اليوم؟.. حتى هذه المعدلات المرعبة ل 19 اوفاصلة لم يكن لها وجود.

كان النوابغ أنذاك يحصلون على معدلات مابين 16 و17 وكانوا قلة أو إستثناء، أما نحن الفئة المتوسطة الذين أحببنا الدراسة حد الجنون وجعلناها كل أحلامنا فكنا نحارب من “الحدعشات والثناعشات “وفي أحسن الحالات 13.

تفرقت بنا السبل، أنتجت إعدادياتنا وثانوياتنا حينها جيلا من المحاربات والمحاربين، فحتى المتعثرين تعليميا نجحوا في ميادين أخرى كانوا يثقنونها بحب ونية، فمنهم النجار والحلاق والميكانيكي والتاجر والفنان وربة البيت والخياطة…

الحياة لا تتوقف دوما على أصحاب المعدلات المدوية، المؤثرون قد يكونون من أولائك الذين لايتركون بصمة في حياتهم الدراسية؟.. حجم التأثير يقاس بالقدرة على الوفاء للمجتمع، على العطاء للإنسانية، وعلى الصدق في أداء الرسالة.

كم من صاحب معدل 19 تفوق دراسيا وتحصل على وظيفة مرموقة، لكنه عات في الأرض فسادا، اغتر بمركزه واستعان به لظلم الناس، أصبح عبئا على مجتمعه ووطنه، عكس صاحب معدل متدن شق مساره رغم صعوبته وأعطى لوسطه أكثر مما أخذ!..

رسالتي لاتحاولوا الضغط على الصغار بجعل حياتهم رهينة لطموحات الأباء والأمهات، فالفشل ما هو في الحقيقة إلا عنوانا للمحاولة.

شجعوا أطفالكم على العمل وعلى النهوض بعد الإخفاق في المحاولةولاتربطوا حياتهم بمعدلات وأرقام.

إننا نتعلم تجنب الفشل في وقت لاحق من حياتنا حتى في تعاملنا مع فلذات أكبادنا وذلك راجع بالأساس الى نظام تعليمي يصدر أحكاما صارمة معتمدة على أداء التلميذ ويعاقب من لايكون أدائهم حسنا في مرحلة محددة، وكذلك تفعل الأسرة فهي كثيرة التطلب والإنتقاذ بحيث لاتسمح لأطفالها بأن يسيروا على هواهم فيفشلوا الحد الكافي بل يعاقبونهم عند أول إخفاق كما يقول مارك مانسون.

خففوا الثقل على أبنائكم وشجعوهم مهما كانت معدلاتهم، إمنحوهم فسحة كبيرة للخطأ فمن الخطأ يتعلم الإنسان، علموهم المبادئ السامية، الحب والإخلاص والأمانة والقناعة والمروءة.. فهي أكبر حصن في الحياة أما النجاح فقد يأتي في صفة حلم لا يراه أحد سواك.

بقلم: عزيز شايب (محام بهيئة أكادير)