نظمت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بأكادير، أمس الخميس 26 يونيو الجاري بشراكة مع ولاية أمن أكادير والقيادة الجهوية للدرك الملكي بأكادير، دورة تكوينية لفائدة قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية، لتعزيز قدراتهم في مجال “تقنيات البحث مع الأطفال في تماس مع القانون” ضمن قانون المسطرة الجنائية.
وقد عرفت هذه الدورة التكوينية حضور 70 مشاركا بقاعة الاجتماعات ، وعبر تقنية التناظر المرئي Google meet ومشاركة 506 من ضباط الشرطة القضائية (الأمن الوطني والدرك الملكي)، و44 من قضاة النيابة العامة بالمحاكم الابتدائية.
وتروم هذه الدورة تطوير منهجية البحث، عبر تطبيق أساليب تتناسب مع عمر الطفل وحالته النفسية، مراعيةً طبيعته وحقوقه، وحماية البعد النفسي والاجتماعي، من خلال الحرص على الاستماع للأطفال في ظروف تراعي التوازن النفسي، وتفادي الضغط أو الإثارة الزائدة.
كما تهدف إلى تحسيس قضاة الشرطة القضائية، من خلال ثقيفهم بأفضل الممارسات لحماية مصلحة الطفل، تجنب الإجراءات القسرية، واختيار التدابير البديلة حسب ما يقرّه القانون.
وتأتي هذه الدورة في إطار سلسلة برامج مستدامة أطلقتها النيابة العامة منذ 2022 بالتعاون مع المصالح الأمنية.
وقد ساهمت هذه المبادرات في خفض نسبة احتجاز الأطفال دون سنّ 18 بـ33 بالمائة خلال السنوات الأربع الأخيرة، ما يعبّر عن المؤشر الإيجابي لعدالة الأطفال في المغرب.
ورغم ذلك، لا يزال هناك تحديات تتعلق بالبنية القانونية والتخصص التقني، فضلاً عن نقص الموارد البشرية ومراكز التأهيل المخصصة للأطفال.
وفي كلمته الافتتاحية، ركز الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير، الأستاذ عبد الرزاق فتاح، على أهمية “المصلحة الفضلى للطفل” وأهمية تكريس البعد التربوي والحمائي في العدالة الجنائية.
ومن جانبه، أكد والي أمن أكادير على التنسيق الفعال بين القوات وعناصر النيابة، والحرص على تبني مقاربة تراعي حرمة وحقوق الأطفال.
وبدوره، نوه القائد الجهوي للدرك الملكي، بأهمية السهر على احترام الضمانات أثناء جمع المعطيات من الأطفال.
كما تم فتح باب النقاش والمداخلات، والتي تبادل خلالها القضاة وضباط الشرطة القضائية خبراتهم، وسلطوا الضوء على الممارسات الفضلى والتحديات العملية في هذا السياق.
وقد تم الخروج بعدد من التوصيات، من ضمنها إيلاء أولوية لحماية الطفل النفسية والقانونية، وتعميم آليات الاستماع الملائمة، واللجوء إلى تقنيات تدخّل تربوية وإصلاحية، وتقوية التنسيق المشترك بين النيابة، الأمن الوطني، والدرك الملكي، وتوفير موارد بشرية متخصصة، وتأهيل مراكز إيواء تتبع لأفضل الممارسات، وتطوير إطار قانوني يدعم استخدام التدابير البديلة بدل الحرمان من الحرية، ويحفظ كرامة الطفل.
وقد شكلت الدورة خطوة نوعية نحو ترسيخ العدالة الصديقة للطفل بالمغرب، خصوصاً في تنمية مهارات القضاة وضباط الشرطة القضائية في تقنيات البحث والاستماع للأطفال ضمن نطاق قانون المسطرة الجنائية.
ورغم التحديات البنيوية، يبقى المسعى مستمراً من خلال شراكات قوية بين النيابة العامة والأجهزة الأمنية، ضماناً لاستجابة أكثر إنسانية ومهنية لقضايا الأطفال المعنيين بالقانون. وقد مرت اجواء الدورة التكوينية في جو يطبعه التحلي بروح المسؤولية