شهدت مدينة القليعة بضواحي أكادير يوم أمس، الأربعاء 8 أكتوبر الجاري، أعمال عنف وشغب خطيرة أسفرت عن خسائر مادية جسيمة وسقوط ضحايا بين المتجمهرين وعناصر الأمن.
وقد أصدر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير بلاغاً مفصلاً يوضح ملابسات هذه الأحداث المروعة التي تركزت حول محاولة اقتحام مركز الدرك الملكي المحلي.
بداية الاحتجاجات والتخريب
بدأت الأحداث بتجمهر مجموعة من الأشخاص من مختلف الأعمار بمركز مدينة القليعة، سرعان ما تحول التجمع إلى فوضى عارمة.
أشار البلاغ إلى أن أغلب المتجمهرين كانوا من القاصرين، وهم مدججون بالأسلحة البيضاء، والعصي الخشبية، والحجارة.
لم تقتصر أعمال الشغب على التعبير عن الرأي، بل تجاوزت ذلك إلى إلحاق خسائر مادية واسعة، حيث تعرضت سيارات خاصة بالساكنة، وحافلة لنقل المستخدمين، وواجهات محلات تجارية في الشارع العام للتخريب.
كما أقدم المتجمهرون على قطع الطريق العمومية باستخدام حاويات النفايات، معطلين بذلك حركة السير.
الهجوم على مركز الدرك الملكي
تصاعد الموقف بشكل خطير عندما تعالت النداءات في صفوف المتجمهرين، الذين فاق عددهم 200 شخص، بالتوجه نحو مركز الدرك الملكي بالقليعة.
ونظراً لكون المركز يضم مستودعاً للأسلحة والذخيرة الحية، تم تشكيل نظام حماية بالمركز وجنباته للحفاظ على الأمن والنظام العام.
على الرغم من إجراءات الحماية، بدأ المهاجمون في تنفيذ أفعال تخريبية وجنائية مباشرة، حيث عمدوا إلى إضرام النار في مكتب نائب قائد المركز عبر نافذته الخلفية وفي الباب الرئيسي، ما استدعى استخدام وسائل الإطفاء في مناسبتين.
وبالرغم من جهود الإطفاء، عاود المتجمهرون إشعال النيران، ما ألحق خسائر مادية جسيمة بالمركز وتجهيزاته، بما في ذلك إتلاف كاميرا المراقبة المثبتة بالبوابة.
وفي محاولة لفض التجمهر، قام عناصر المركز بإطلاق خرطوشات الغاز المسيل للدموع، لكن هذا الإجراء لم يجد نفعاً أمام هيجان المتجمهرين.
واشتد الهجوم حين تمكنوا من نزع باب المرآب بالقوة، واستولوا على سيارة رباعية الدفع تابعة للمركز وخمس دراجات نارية ذات محرك، قاموا بإضرام النار فيها وسط الطريق العام.
سقوط ضحايا وسط تصاعد الخطر
أكد البلاغ أن العناصر الأمنية في المركز كانت محاطة بالخطر من جميع الجهات، كما أسفرت الاشتباكات عن إصابة 8 عناصر من الدرك الملكي؛ ثلاثة منهم بجروح بليغة وخمسة بجروح خفيفة.
كما تعالت أصوات زوجات عناصر الدرك الملكي المتواجدين بالسكن الوظيفي، اللواتي صرخن بأنهن تعرضن للهجوم، فضلاً عن تكسير سيارتين مدنيتين تابعتين للعناصر الأمنية، مما يشير إلى أن المهاجمين كانوا منظمين وعازمين على اقتحام المركز.
وأمام الخطر الداهم باقتحام المركز ومحاولة الاستيلاء على الذخيرة والعتاد والأسلحة الوظيفية، اضطر عناصر الدرك الملكي إلى استخدام أسلحتهم الوظيفية، بعد إطلاق عدة طلقات تحذيرية في السماء لم تجد نفعاً.
وأوضح البلاغ أن هذا التدخل المسلح جاء “وفقاً للضوابط القانونية الجاري بها العمل لمنعهم من ذلك ودفاعاً عن النفس ولتجنب المساس بالأمن والنظام العامين والحفاظ على سلامة وأمن الأشخاص وحماية الممتلكات العامة والخاصة”.
وقد نتج عن هذا التدخل الأمني مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين بجروح.
فتح بحث قضائي لكشف الملابسات
أعلنت النيابة العامة عن فتح بحث قضائي بشأن هذه الأفعال الإجرامية، من أجل الكشف عن ظروفها وملابساتها وإيقاف المتورطين في اقترافها.
وأكد البلاغ أنه سيتم ترتيب الآثار القانونية الواجبة على ضوء ما ستسفر عنه نتائج البحث والتحقيقات الجارية.
وتأتي هذه الأحداث لتسلط الضوء على ضرورة احترام القانون والتحذير من مغبة تحويل التجمعات والاحتجاجات إلى أعمال تخريب وعنف تهدد سلامة المواطنين والأمن العام.