انعقد اليوم الأربعاء، بتارودانت، لقاء تشاوري خصص للتفكير وتبادل الرؤى حول إعداد الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، بما يواكب الدينامية التنموية ويستجيب لتطلعات الساكنة المحلية في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
ويأتي هذا اللقاء، الذي ترأسه عامل إقليم تارودانت، مبروك تابت، بحضور على الخصوص، رؤساء المصالح الخارجية اللاممركزة، ومنتخبين، ورجال السلطة، والفاعلين الأكاديميين والاقتصاديين، وممثلي المجتمع المدني، تفاعلا مع التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الداعية إلى إطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، تضع المواطن في صلب العملية التنموية بما يضمن عدالة مجالية حقيقية وتسريع وتيرة التنمية المحلية.
وفي كلمة بالمناسبة، أوضح عامل الإقليم، أن هذا اللقاء يأتي في سياق وطني متميز يعرف دينامية تنموية كبرى، تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز 2025، وخطاب افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان في 10 أكتوبر 2025، والرامية إلى بلورة جيل جديد من البرامج الترابية المندمجة الكفيلة بتحقيق تنمية شاملة ومنصفة.
وأشار السيد تابت إلى أن هذه البرامج التنموية تشكل نقلة نوعية في مقاربة التنمية بالمغرب، إذ تهدف إلى إرساء نموذج جديد يقوم على العدالة المجالية والاجتماعية، ويقطع مع المقاربات التقليدية التي تعتمد منطق “المغرب بسرعتين”، من خلال توحيد الجهود وتوجيهها نحو مشاريع ذات وقع ملموس على حياة المواطن.
وأضاف أن هذه البرامج ستتمحور حول أربع أولويات كبرى، تشمل تثمين المؤهلات الاقتصادية لتحسين الدخل وخلق فرص الشغل، وتقوية الخدمات الاجتماعية الأساسية في مجالي التعليم والصحة، واعتماد تدبير مستدام للموارد المائية، فضلاً عن إطلاق مشاريع التأهيل الترابي المندمج.
وأكد عامل الإقليم أن اللقاء التشاوري يشكل محطة أساسية ضمن سلسلة من اللقاءات التشاورية التي انطلقت منذ شهر غشت الماضي، بمشاركة مختلف الفاعلين المحليين والإقليميين، من أجل إعداد برنامج تنموي ترابي مندمج مبني على معطيات دقيقة وواقعية، يراعي خصوصيات الإقليم وحاجات ساكنته.
وأشار إلى أن إقليم تارودانت، بما يزخر به من مؤهلات طبيعية وبشرية واقتصادية، يواجه في المقابل تحديات كبرى تتعلق بندرة المياه، وضعف فرص الشغل، وتفاوت مستوى الخدمات الصحية والتعليمية، والنقص في البنيات التحتية بالمناطق القروية، مبرزاً أن هذه البرامج الجديدة ستشكل فرصة لمعالجة تلك الإكراهات عبر مقاربة تشاركية تضمن النجاعة في الإنجاز وملموسية الأثر على حياة المواطنين.
وشدد السيد تابت على أن النجاح في هذا الورش الملكي يقتضي تعبئة شاملة لكافة الفاعلين المحليين من سلطات ومنتخبين ومجتمع مدني وقطاع خاص، مع إرساء ثقافة النتائج والمحاسبة وربط المسؤولية بالتنمية الميدانية، مؤكداً أن التنمية الحقيقية تُقاس بالأثر الملموس في حياة المواطن وليس بعدد المشاريع المعلنة.
وتخلل هذا اللقاء تقديم عرض شامل من طرف عامل إقليم تارودانت تناول فيه الخصائص البنيوية والمجالية التي تميز الإقليم، مبرزا ما يزخر به من مؤهلات اقتصادية واجتماعية وطبيعية متفردة.
واستعرض السيد تابت المعطيات الجغرافية والديموغرافية الخاصة بالإقليم، ومؤشرات الفقر والهشاشة، فضلا عن المؤشرات السوسيو-اقتصادية التي تعكس واقع التنمية على مستوى مختلف الجماعات الترابية. كما قدم معطيات دقيقة حول مؤهلات الإقليم في عدد من القطاعات الإنتاجية الحيوية، من بينها المعادن والصناعة والتجارة والخدمات والفلاحة والسياحة، مبرزا التجارب الرائدة والمشاريع الناجحة التي تشكل نماذج يحتذى بها في مجال التنمية المحلية.
وأكد عامل الإقليم أن هذه المؤهلات، على تنوعها، تجعل من تارودانت فضاء غنيا بالفرص التنموية، وقادرا على الإسهام بفعالية في تحقيق أهداف الجيل الجديد من البرامج الترابية المندمجة، شريطة استثمارها في إطار رؤية استراتيجية منسقة ومندمجة، تقوم على تعبئة كافة الفاعلين المحليين، وتعزيز جاذبية الإقليم للاستثمار، بما ينعكس إيجاباً على تحسين ظروف عيش الساكنة والنهوض بالتنمية المستدامة.
وتميز هذا اللقاء بمشاركة ممثلي المجتمع المدني والنسيج التعاوني، الذين أكدوا على التحديات المطروحة في مجالات الصحة والتعليم والنقل المدرسي والبنيات التحتية والولوج إلى الماء الصالح للشرب، معبرين عن استعدادهم للمساهمة في إعداد برنامج يعكس الأولويات الحقيقية للسكان.
في ختام هذا اللقاء التشاوري، تم الإعلان عن تنظيم سلسلة من الورشات التشخيصية والتفاعلية، تهم مجالات ذات أولوية كبرى ضمن الجيل الجديد من البرامج الترابية المندمجة. وتشمل هذه الورشات: ورشة الخدمات الصحية، ورشة التربية والتكوين، ورشة التدبير المستدام للموارد المائية، ورشة التأهيل الترابي المندمج، وورشة إنعاش الشغل.
وتهدف هذه الورشات الموضوعاتية إلى تعميق النقاش وتبادل الرؤى بين مختلف الفاعلين المحليين والمؤسساتيين، من أجل بلورة مقترحات عملية وواقعية تساهم في إعداد برنامج تنموي ترابي مندمج ينسجم مع التوجيهات الملكية السامية، ويكون واقعيا في تصوراته، قابلا للتنفيذ في مشاريعه، منصفا في توزيعه الترابي، ومندمجاً في أهدافه الاستراتيجية.