مثل وزير الصحة، أمين التهراوي، اليوم الأربعاء أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، مستعرضاً مستجدات ملف الصفقات العمومية والتراخيص الدوائية، ومؤكداً على التزام وزارته بالشفافية الكاملة إزاء ممثلي الأمة والرأي العام.
وقد جاءت مداخلة الوزير استجابة لطلب شخصي منه، في تأكيد على احترام الدور الرقابي للسلطة التشريعية.
السيادة الدوائية محور استراتيجي
في مستهل كلمته، وضع الوزير النقاش في إطاره الاستراتيجي، مشدداً على أن إصلاح المنظومة الصحية هو ورش وطني استراتيجي ولبنة أساسية في بناء الدولة الاجتماعية.
وأكد أن السياسة الدوائية للحكومة ترتكز على هدف أساسي هو تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الحيوية ذات الحساسية العالية، وذلك انسجاماً مع التوجهات الكبرى للدولة لتعزيز السيادة الدوائية والصناعية وتقليص التبعية للأسواق الخارجية وحماية المرضى من مخاطر الانقطاعات أو الأزمات الدولية المفاجئة.
الصفقات العمومية.. رقابة صارمة ولا مجال للاجتهاد الشخصي
ولمعالجة الادعاءات المثارة حول صفقات اقتناء الأدوية وتضارب المصالح، أوضح الوزير أن جميع عمليات الاقتناء تتم حصرياً في إطار القانون، وتخضع لمنظومة الصفقات العمومية، التي تحدد بدقة قواعد المنافسة وشروط المشاركة ومبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص.
وأكد التهراوي أن هذه الصفقات تُعلن مسبقاً على البوابة الوطنية، وتخضع لرقابة صارمة من المصالح المختصة بوزارة المالية، ما يعني أن قرارات الاقتناء “غير خاضعة لأي اجتهادات شخصية أو قرارات فردية”.
وفي رد مباشر على ادعاءات سابقة داخل البرلمان، قدّم الوزير توضيحاً بخصوص صفقة تزويد السوق بالبوتاسيوم، مؤكداً أنها أُسندت لشركة محلية منتجة، وفي إطار طلب عروض صارم، نافياً إسنادها لشركة مستوردة ذات ترخيص مؤقت.
وبخصوص تضارب المصالح، أشار الوزير إلى أن الصفقات العمومية تُبرم مع شركات خاضعة للقانون التجاري وليس مع أشخاص ذاتيين.
ودعا البرلمان إلى بلورة إطار تشريعي جماعي لتطوير إطار تضارب المصالح، مؤكداً التزام الإدارة بتطبيق القوانين الحالية دون انتقائية.
التراخيص الدوائية.. نحو حكامة مستقلة عبر الوكالة الوطنية
تناول الوزير ملف التراخيص الدوائية، مذكراً بأن تدبيرها كان موكولاً سابقاً لمديرية داخل الوزارة، وقد كان موضوع تقارير رقابية واستطلاعية في 2015 و2021، أجمعت على وجود اختلالات بنيوية في النظام القديم.
وتنفيذاً لهذه التوصيات، أوضح الوزير أن الحكومة بادرت إلى إخراج الوكالة الوطنية للأدوية والمنتجات الصحية إلى حيز الوجود بموجب القانون 22.10.
وأشار إلى أن تنزيل هذا الإصلاح تم من خلال تعيين ملكي سامٍ للمدير العام للوكالة، في دلالة واضحة على أهميتها الاستراتيجية.
وأكد الوزير أن الوكالة تضطلع حالياً بتنفيذ التوجهات الاستراتيجية للدولة لضمان السيادة الدوائية، التوافر المستمر للأدوية، الجودة والسلامة، واعتماد حكامة حديثة ومستقلة ذات صرامة تقنية.
واختتم الوزير كلمته بترك الكلمة للمدير العام للوكالة لتقديم العرض التقني المفصل، باعتبارها الجهة المخوّلة قانوناً بمنح التراخيص وتتبع المساطر التقنية المرتبطة بها، ليؤكد بذلك أن النقاش المؤسساتي داخل اللجنة هو الإطار الطبيعي والسليم لمناقشة كل ما يتعلق بملف الأدوية.