في خطوة تؤكد على تجدد المشهد السينمائي المغربي وقدرة الأجيال الجديدة على صناعة أعمال ذات تأثير عميق، حصد الفيلم القصير “الفنان” لمخرجه المتألق رشيد أعنطري أهم تتويج في مسيرته حتى الآن.
وقد اعتلى الفيلم منصة التتويج في مدينة بيوكرى، منتزعًا الجائزة الكبرى من مهرجان سينما الشباب للفيلم القصير في دورته التاسعة، وسط إشادة واسعة من لجنة التحكيم والجمهور.
رؤية جريئة وتتويج مستحق
هذا التتويج الرفيع لم يكن مجرد فوز عابر، بل هو اعتراف صريح وراسخ بالعمل الفني المتميز الذي قدمه أعنطري وطاقمه.
حيث حمل فيلم “الفنان” روحًا مختلفة، تميزت برؤية جريئة، معالجة فنية متقنة، ورسالة إنسانية عميقة جعلته يلامس القلوب قبل أعين المتفرجين.
وتُعد الجائزة الكبرى أعلى وسام شرفي في المهرجان، وتُمنح للفيلم الذي يجمع بين قوة الصورة وجمالية السرد والإتقان الفني الشامل، ليُثبت أن السينما الشابة قادرة على صنع أعمال كبيرة تُنافس بثقة وتترك أثرًا لا يُنسى.
إن حصول “الفنان” على الجائزة يمثل قفزة نوعية في مسار الفيلم، ويُبرز أنه لم يكتفِ بكونه عملاً واعداً، بل تحول إلى إنجاز سينمائي ملموس يعكس قدرة المخرج رشيد أعنطري على الجمع بين التعبير العاطفي الصادق والتقنيات السينمائية الحديثة، مقدماً تجربة بصرية تستحق المشاهدة والاحتفاء.
صراع خلف الأضواء.. رسالة الفيلم الإنسانية
الفيلم، الذي تولت إنتاجه شركة TAMATART VISION، يضم نخبة من النجوم أمثال عبد الله شكيري، وعبد الإله خنيبة، وأمال النجار.
ويسلط “الفنان” الضوء على الإشكاليات المعقدة التي يواجهها الممثلون في حياتهم الشخصية بعيداً عن الأضواء، حيث يعالج الفيلم قضية ضغوط الشهرة والتحديات النفسية التي ترافق النجومية، مقدماً رؤية عميقة حول الصراعات الداخلية التي يعيشها الفنانون لتحقيق التوازن بين النجاح المهني واحتياجاتهم الشخصية، والضغوط النفسية والعاطفية التي يعانون منها خلف الكواليس، والتضحيات الشخصية الكبيرة التي يقدمونها لأداء أدوارهم بشكل متميز، بالإضافة إلى قضايا انعدام الأمن الوظيفي وتأثيراته السلبية على الصحة النفسية للممثلين.
الفيلم، الذي أبدع في كتابته الكاتب الشاب محمد الدونج، يسعى من خلال شخصياته إلى إيصال رسالة قوية حول ضرورة تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للفنانين، والاعتراف بحقوقهم كأفراد يستحقون العيش بسعادة وكرامة.
المخرج أعنطري.. مزيج من الأكاديمية والخبرة الميدانية
يُذكر أن المخرج رشيد أعنطري هو فنان مغربي من خريجي المعهد المتخصص في مهن السينما بمدينة ورزازات.
وقد عزز مسيرته بحصوله على ماستر في التحرير الصحفي والتنوع الإعلامي حول موضوع توظيف التقنيات السينمائية في الدعاية الإعلامية بجامعة ابن زهر بأكادير.
هذا المزيج بين العمل الأكاديمي والخبرة الميدانية هو ما مكنه من تقديم لوحات فنية جميلة ومؤثرة لعشاق الفن السابع.
هذا التتويج هو تأكيد لموهبة حقيقية تستحق الاحتفاء، في الوقت الذي ينتظر فيه عشاق السينما المزيد من الإنجازات التي سيحققها هذا العمل في المهرجانات الوطنية والدولية القادمة.