تنشر جريدة “أكاديرإينو” بتعاون مع جريدة “le12.ma” طوال الشهر الفضيل، ربورتاجات وبورتريهات حول أشخاص وأمكنة من سوس العالمة، كان لها الأثر في أحداث ووقائع يذكرها الناس ويوثقها التاريخ.
في حلقة اليوم يأخذكم هذا الربورتاج في رحلة ممتعة داخل قصر “كلاوديو برافو”.. الشيلي الذي عشق سوس وخلد إسمه في تارودانت .
*سامية أتزنيت
لم يكن يعلم كلاوديو برافو كاموس حين قدومه للمغرب أول مرة عام 1972، قادما من الشيلي، أن تراب الأمازيغ سيكون مثواه الأخير، وهو الذي صال وجال أرض الله الواسعة.
لكن حب المغرب وسحر بلاد سوس ماسة، وتحديدا مدينة تارودانت، سلب لب الفنان التشكيلي المنتمي لتيار الواقعية المفرطة، ولو أنه باح في كثير من الأحيان ميله للمدرسة السريالية.
وكان مما كان، من أملاك الفنان برافو، منزلا أثريا في مدينة طنجة وتحفا فنية ثمينة، وهب الكثير منها لمتاحف عالمية. فيما اختار أن يستقر بمدينة تارودانت لما يناهز 15 سنة، ويموت فيها عام 2011 (74 عاما).
تارودانت ملهمة “برافو”
ارتبط برافو ارتباطا كبيرا بالمغرب، وكانت وجهته الأولى مدينة طنجة ثم مراكش قبل أن يستقر نهائيا بتارودانت.
وكان الراحل دائم التعبير عن ولعه بالثقافة الأمازيغية، و”تشكل الأشياء” بمدينة تارودانت تحديدا، حيث كانت ألوانها الساكنة والدافئة تسكن وحي خياله، وتتجسد في رسوماته. وعبر في أكثر من مناسبة عن إعجابه بدرجة الإضاءة، التي تميز طقس منطقة سوس التي تعرف يوما من أشعة الشمس والضوء الناصع على امتداد السنة.
وكان هذا الولع بتارودانت سببا دفعه إلى بناء قصر فيها ممتد بمئات الهكتارات، والذي تحول بعد وفاته إلى محتف فني يزور السياح من كل حدب وصوب.
والفنان الراحل هذا القصر بنفسه وأشرف على تهيئته، في شكل فضاء طبيعي ومعماري متميز.
ويضم القصر/المتحف ورشته الفنية حيث كان يقضي معظم أوقاته، تضم أعماله الصباغية ومقتنياته من التحف الفنية والمنحوتات والمصنوعات التراثية.
هذا فضلا عن مساحات خضراء مهيأة بها أشجار مثمرة وأغراس، وقبة “منارة” مطلة على صهريج أرضي كبير.
عشق منطقة سوس الذي دفع بالفنان الشيلي إلى الإقامة بتارودانت، هو نفسه الذي شكل حافزا للرسام على العمل الخيري، فكانت له مبادرات إنسانية عديدة، منها
تشييد جناح بالمستشفى الإقليمي بالمدينة، وبناء وترميم مدارس، ووضع تصميم تهيئة ساحة 20 غشت، التي تحتضن العديد من المهرجانات الثقافية.
اكتشاف سحر قصر “كلاوديو”
كان كلاوديو ينتمي إلى عائلة مزارعين، وعاش معظم حياته في المنطقة الريفية بميليبيا. ولعل هذا يفسر إلى حد ما ارتباط الفنان الشيلي بالطبيعة والأرض.
يقع قصر “كلاوديو برافو” على بعد 8 كيلومترات من مدينة تارودانت، عند سفح جبال الأطلس الكبير، وهو مفتوح في وجه الزوار.
وتستغرق رحلة زيارته انطلاقا من مدينة أكادير، حوالي ساعة ونصف لقطع مسافة 110 كيلومتر.
ويمتاز القصر الذي يمكن استكشافه بالكامل في مدة لا تقل عن ساعتين ـ لأن القصر يمتد على مساحة 75 هكتاراـ بسحر خاص. ولازالت آثار هذا الفنان واضحة المعالم فيه منذ عام 1972.
ويتزين القصر بمتحف استثنائي وحدائق فنية، بمسارات متنوعة لاكتشاف المنحوتات، ومجموعة مختارة من النباتات الفريدة.
فيما تنقسم البناية الرئيسية في القصر، إلى عدة أجنحة وهياكل متصلة ببعضها البعض، بواسطة أفنية داخلية وممرات مغطاة.
تضم هذه الأجنحة المنفصلة غرف معيشة وغرف نوم، بالإضافة إلى الأجنحة الخاصة ومرسم كلاوديو برافو.
يحتوي هذا القصر الفني أيضا على ضريح كلاوديو برافو، المؤثث بمجموعة مميزة من المزهريات والزليج المغربي القديم. وفي الجهة الأخرى من الحوزة تتواجد إسطبلات لا تزال تؤوي الخيول.
ويمكن زيارة هذا القصر في جولة مصحوبة بمرشدين مقابل 200 درهم للفرد الواحد. كما يمكن الإقامة في بعض من الغرف الفاخرة والمميزة به والتي تتراوح أسعارها بين ألف درهم للغرفة و3000 آلاف درهم للجناح، مع توفر خدمة الغرف، ومطعم يقدم الوجبات التقليدية والعصرية، وأيضا يتوفر القصر على منتجع صحي للباحثين عن الاستجمام