تنشر جريدة “أكاديرإينو” بتعاون مع جريدة “le12.ma” طوال الشهر الفضيل، ربورتاجات وبورتريهات حول أشخاص وأمكنة من سوس العالمة، كان لها الأثر في أحداث ووقائع يذكرها الناس ويوثقها التاريخ.
في حلقة اليوم يأخذكم هذا الربورتاج في رحلة إكتشاف الوجه الآخر لسوس ماسة.. تحت عنوان أرض محبي رياضة “الكانيونينغ” واستكشاف الكهوف.
*سامية أتزنيت
“الكانيونينغ” أو رياضة الأدوية، تجربة مثيرة ومغايرة لكافات الرياضات الشائعة، تتطلب ممارستها توافر أماكن ذات طبيعة مختلفة، لتنزلق مع تيار المياه عبر الأودية الصخرية، أو تتسلق بالحبال و تقفز في البرك العميقة.
والكانيونيغ هو عكس تسلق الجبال، لكونه يستوجب النزول بحبال عبر مسارات بها مياه.
وفي المغرب، تعتبر منطقة سوس ماسة أرض رياضة “الكانيونينغ” بامتياز، نظرا لما تتوفر عليه من مؤهلات طبيعية، تجذب السياح من مختلف بقاع العالم. إذ يوجد في الأطلسين الكبير والصغير، كثير من المضايق والخلجان التي تلائم عشاق التجديف والسباحة مع التيار.
“كانيونيغ” أكادير إداوتنان
يعد الوادي من التضاريس المفضلة في منطقة إداوتنان القريبة من مدينة أكادير، حيث تسود أنشطة الكانيونينغ واستكشاف الكهوف الطبيعية التي يبلغ عمرها ملايين السنين. أو حتى السباحة في المياه الصافية، خاصة في مناطق “وادي الجنة” و”تانيت” بجماعة أقصري و”تاماسينت” بحماعة دراركة، وبحيرة “مرواني” (المعروفة محليا بتمرونت) الواقعة بقيادة أمسكرود.
لذلك لن تستغرب إن كانت لترجمة اسم المنطقة “ايموزار إداوتنان” علاقة بالمياه والشلالات، علما أنها تضم ثاني أكبر شلالات في المغرب بعد شلالات أوزود.
فكلمة “إيموزار” بالأمازيغية، جمع لكلمة “إمزر”، والتي تعني المنحدر المائي، أو الشلال. أما كلمة “اداوتنان”، فمكونة من شقين “تنن” وتعني الجد الأصلي، و”إيداو” تعني أهل المنطقة الأمازيغيين. استقرت بها ثلاث قبائل رئيسة، هي قبيلة “إفسفاسن” بمنطقة أقصري، وقبيلة “تنكر” بمنطقة “المزار”، وقبيلة “آيت أوعزون” بمنطقة “تيقي”.
في بداية المسار بوادي “تنيت”، ورفقة مرشد معتمد من أبناء المنطقة، ستجد أواني عملاقة مليئة بالطين تشققت بفعل الجفاف. في نهاية هذا الجزء الأول من الوادي، تصل إلى منظر طبيعي خلاب لمنحدرات الحجر الجيري المدهشة. ومن هناك يمكن الاستمرار في التقدم صوب قاع الوادي، بين سلسلة من أحواض المياه. لتنتهي الرحلة بسباحة منعشة في مسبح طبيعي ضخم تحده جدران الوادي الضيق للغاية.
فيما يثير موقع “أسيف الحد” فضول عشاق الطبيعة، بجسر يتراوح ارتفاعه مابين 25 و 30 مترا، ونفق عملاق يبلغ طوله حوالي 150 مترا. ويضم الموقع المتواجد بجماعة تدرارت، مغارة “أسيف الحد”، ثاني مغارة في المنطقة من بعد مغارة “وين تيمدوين”.
وفي اتجاه الأطلس الصغير، المنطقة المليئة بالمواقع الساحرة المخبأة في الطبيعة العذراء، بين مضايق “أوكرضة” و”أسيف نيلت” و”تامنارت” الوفيرة بواحات النخيل، يمكن استكشاف جمالية المكان، ونسج مزيد من الذكريات السعيدة.
أكبر مغارة في أفريقيا
تقع منطقة إيموزار إداوتنان ذات الطابع الريفي الجبلي على ارتفاع يناهز 1.250 متر عن سطح المحيط الأطلسي. يحد المنطقة المنتمية إلى عمالة أكادير شمالا، تراب عمالة الصويرة، وجنوبا منطقة أورير، وشرقا إقليم تارودانت، وغربا منطقة التامري بعمالة أكادير.
وكما ذاع صيت المنطقة بالمنحدرات المائية ورياضة الأودية والسياحة الجبلية، يجد محبو المغامرة وروح التحدي أنفسهم، أمام خيارات عديدة بمنطقة سوس ماسة.
منطقة مواتية بشكل خاص لاستكشاف الكهوف، نظرا لأهمية نتوءات الحجر الجيري والنطاق الكبير للشبكات الكارستية التي تحتوي عليها، هذا بالإضافة إلى الخلجان التي تجذب عشاق استكشاف الكهوف.
تحت هضبة تاسروخت الكارستية المتواجدة بالأطلس الكبير الغربي والمطلة على قرية تيزكي ن الشرفا ، تتواجد مغارة “وين تيمدوين” وتعني المغارة ذات البحيرات. مياهها التي لا تنضب وامتداد قناتها الرئيسية على طول 7300 متر وبلوغ مسافتها الإجمالية بكل غروعها 19 كيلومترا ، جعل منها أكبر نهر جوفي في الشمال الأفريقي.
وتعد المغارة الواقعة غرب الأطلس الكبير، على ارتفاع قدر بحوالي 1250 مترا، أطول شبكة كارستية تحت الأرض معروفة في شمال إفريقيا حتى الآن.
وهي تشكل شبكة عملاقة تتكون من سلسلة بحيرات مُرتبة. أربع بحيرات تمتد على أزيد من 800 متر، يجب اجتيازها بواسطة قوارب مطاطية من أجل استكشاف أغوارها وجماليتها. فيما يبلغ عمق مغارة “وين تيمديوين” أزيد من 50 مترا في باطن الأرض. ولذلك يستوجب زيارة كهوف وين تمديوين، الاستعانة بمرشد والحصول على ترخيص من السلطات المحلية، تفاديا لوقوع أي حوادث.
تم استكشاف هذه المغارة جزئيا في العشرينيات من القرن الماضي ثم الخمسينيات والسبعينيات. وتواصلت بعدها رحلات الاستكشاف العلمية من طرف مجموعات متفرقة، تتكون من أفراد متعددي التخصصات، بينهم خبراء في الجيولوجيا المائية والطوبوغرافيا والجيولوجيا وعلماء أحياء، وأيضا مختصون في تسلق الجبال ومستكشفو المغارات والكهوف.