تنشر جريدة “أكاديرإنو” بتعاون مع جريدة “le12.ma” طوال الشهر الفضيل، ربورتاجات وبورتريهات حول أشخاص وأمكنة من سوس العالمة، كان لها الأثر في أحداث ووقائع يذكرها الناس ويوثقها التاريخ.
في حلقة اليوم يأخذكم هذا التحقيق في رحلة إكتشاف القصة الأخرى لمجموعة “أودادن”.. أشهر فرقة موسيقية أمازيغية في تاريخ مدينة أكادير.
*سامية أتزنيت
في جهة سوس، وبمدينة أكادير تحديدا، قليلون جدا ـ إن لم نقل منعدمون ـ أولئك الذين يجهلون مجموعة “أودادن” الشهيرة. فرقة موسيقية سوسية شقت بداياتها صوب النجومية منذ سبعينيات القرن الماضي، ولها إسهامات كبرى في الريبرتوار الفني السوسي، الأكاديري على وجه الخصوص.
حي بنسركاو 1978
“أودادن” وتعني الغزلان بالأمازيغية ( وهو نوع كان شائعا في مناطق سوس ماسة درعة) فرقة موسيقية شقت طريقها بكثير من الجهد، وبمواجهة المزيد من الصعاب.
كانت البدايات من حي “بنسركاو” عام 1978، حيث تدرب أعضاء الفرقة على أغان بسيطة تعتمد إيقاعا سريعا راقصا. وكانت المجموعة لسنوات تكتفي فقط بإحياء الحفلات الخاصة وتنشيط الأعراس و المناسبات.
وكانت الفرقة تمارس آنذاك ما يسمى بـ “الهْضْرة الذكورية”، نمط جديد آنذاك تميز بإيقاع سريع، واعتمد نشاط المجموعة في العموم على أمسيات غنائية وحفلات خاصة بدواوير كثيرة نواحي أكادير وانزكان.
عندما لاقت المجموعة تجاوبا كبيرا، قرر أعضاؤها البحث عن آفاق جديدة، فكانت سنة 1985 الانطلاقة الأولى الفعلية لمجموعة “أودادن”.
“صوت المعاريف”.. أول خطوة
تعتبر شركة “صوت المعاريف” للإنتاج الخطوة الأولى في عالم الشهرة بالنسبة لمجموعة “أودادن”. وهي الشركة التي ملكها عمر المعاريف، منتج أول شريط كاسيت للفرقة.
وكان الفنان الحاج محمد بن الشيخ مؤسس فرقة “تاوادا” حلقة الوصل بين عبد الله الفوا قائد مجموعة “اودادن”، والراحل عمر المعاريف، الذي كان معجبا جدا بالفرقة، وعبر عن رغبته في إنتاج أعمالها، خصوصا وأنها كانت تقرصن وتباع في الأسواق بثمن بخس.
رغم التخوف من تجربة جديدة ألا وهي التجسيل في الاستوديو، إلا أن أعضاء الفرقة لم يترددوا في الفوز بهذه الفرصة الذهبية. وفعلا تم إنتاج أول شريط غنائي سنة 1985 و لكنه لم يخرج الى الأسواق إلا في سنة 1986.
تضمن الشريط الأول أحد عشر أغنية منها “إغيرا أوتبير” و “أجميل” و “وا يودادن” و “ماداغ إسالان إزكناد” وغيرها. وكان الشريط نتاج تجارب و حفلات و اعراس كثيرة في جميع المناطق المجاورة لمدينة أكادير.
وامتاز بالتنوع الشعري والموسيقي الأمازيغي العصري والروحي. تغنت فيها مجموعة “أودادن” بالطبيعة والحب والمرأة والرجل، بلغة شعرية تحمل صورا تحفِّز خيال المستمع ليقارب تصورها الخاص للموسيقى.
حقق الشريط نجاحا منقطع النظير، أكسب الفرقة شهرة واسعة بين جمهور، ظل وفيا للفرقة أينما حلت وارتحلت داخل المغرب وخارجه، خصوصا في فرنسا. ويعود الفضل في ذلك إلى أحد معارف الراحل عمر المعارف، وهو السيد الطاهر من “شركة شاطر ديسك”، الذي وزع عمل الفرقة في فرنسا ودول أخرى أوروبية منها هولندا وبلجيكا.
قررت بعدها المجموعة أن تخوض تجربة أخرى. وهي تجربة السهرات بالهواء الطلق مباشرة مع الجمهور، شريطة ان يكون التسجيل بتقنية الأستوديو. وهو ما كان. فخرج إلى الوجود شريط ثان “لأودادن”، عبارة عن سهرة في قصر الأندلس، حققت بدورها نجاحا جماهيريا.
بين الهواري،الشعبي والأمازيغي
خدم ظهور أودادن” الاغنية الامازيغية العصرية من عدة نواح، أهمها انها نجحت في جعل الشباب يرتبط بهذه الاغنية ذات الجذور في التراث والتاريخ.
فشكلت الفرقة بذلك ظاهرة ذات امتدادات وبصمات، دفعت الكثير من شباب الجيل الثاني إلى التأثر بها، وتأسيس فرق غنائية مماثلة لها.
اعتمدت المجموعة منذ بداياتها على التنويع والمزج بين اللحن والإيقاع، فتجدها قد وظفت الايقاع الهواري، الكناوي، أجماك، ايقاعات الاغنية الحسانية الصحراوية، وكل ذلك يتم بشكل متميز.
وكما غنت مجموعة “أودادن” بالأمازيغية، فإن لها أعمال فنية باللهجة “الدارجة”، جمعت بين التراث الهواري، وأغان متداولة في نطاق “الشعبي”. وهو ما جعل المجموعة تدخل قلوب القبائل الهوارية، المنتشرة بسوس والتي تتحدث بلكنة، تختلط فيها الدارجة المغربية بالأمازيغية.
ولطالم تميزت “أودادن” بالقصائد الطويلة المغناة، حيث يصل عدد أبيات القصائد إلى ما يفوق الخمسين بيتا، تتميز في مجملها بالتلميح والإشارة “الخفية”.
وما يميز المجموعة أيضا شغف أعضائها بالبحث في التراث الموسيقى القديم من “أحواش” و “إسمكان”، والاعتماد على المواويل و القصائد المغناة، وتوظيف آلة القيثارة الالكترونية، والمقامات الموسيقية الامازيغية القديمة مع آلتي البانجو و”الدربوكة”، مما أضفى على إبداعاتها نكهة خاصة.
ويتكون أعضاء المجموعة من المغني الرئيسي والعازف على آلة البانجو عبد الله الفوا، وعازف القيثارة العربي بوخرموس، وأحمد الفوا ( الدف و الدربوكة)، ومحمد جمومخ (الطامطام)، والعربي أمهال (الناقوس) وخالد الفوا (الدف)، دون نسيان الراحل حسن أعطور. وتضم إنتاجات المجموعة حاليا أربعة عشر ألبوما غنائيا شملت أفضل وأنجح الأعمال الفنية في تاريخ الأغنية والأمازيغية.
– مصادر أخرى:
– جريدة Le12.ma
– كتب/صحف /سوشل ميديا