حكاية الشهيدة سلمى شاروق، تشبه إلى حد كبير حكايات الوداع الأخير لعدد من ركاب حافلة سريع باني في تلك الليلة الطويلة.
حكاية مؤلمة
أسبوع كامل مر على فاجعة وادي طاطا، قبل أن يتم الإعلان أخيرا عن العثور على جثة الطالبة سلمى شاروق، أحد ركاب حافلة سريع باني المنكوبة.
لقد حمل وداي طاطا الشهيدة سلمى شاروق، من وسط مدينة فواجع فيضانات الخريف، إلى قرية “عين الطيبة”، بالمنطقة العسكرية لوادي درعة، على مشارف أقصى جنوب شرق المملكة.
حكاية الشهيدة سلمى شاروق، تشبه إلى حد كبير حكايات الوداع الأخير لعدد من ركاب حافلة سريع باني في تلك الليلة الطويلة.
حكاية وإن اختلفت في بدايتها فإنها تكاد تتطابق في نهايتها مع حكاية الشهيدة نعيمة الحيان، ممرضة مركز أقا ضاحية طاطا الجريحة.
بابا أجي عتقنا..
سلمى التي عثر مواطن يدعى عبد الجليل الهبولي، على جثتها، كانت قبل ان تصعد روحها إلى السماء، قد اتصلت هاتفيا بوالدها علي شاروق، التاجر في مدينة سطات، طالبة منه أن يأتي لإنقاذ حياتها.
“بابا الكار داه الواد.. بابا أجي عتقنا” كلمات كانت كافية لتقلب موازين الأب المكلوم لينتقل من مدينة سطات إلى مدينة طاطا، تاركا ورائه كل شيء، في الوقت الذي كانت فيه السيول الجارفة تغمر ما تبقى من الحافلة.
لا يمكن تصور حجم الألم الذي عاشه أب الشهيدة سلمى شاروق وهو ينتظر على ضفاف وادي طاطا، عساه يتوصل بخبر العثور على ابنته ويظفر على الأقل بجثتها، قبل أن يتم العثور عليها بعد أسبوع من البحث والترقب.
بداية القصة
لم يكن يعلم ركاب حافلة طاطا أن القدر سيكون قاسيا إلى هذه الدرجة، وأن رحلتهم ستكون بهذه النهاية المؤلمة، حيث سرعان ما توقفت عقارب الساعة ليلة الجمعة 20 شتنبر الجاري، بعدما جرفت السيول الحافلة بما فيها.
في تلك الليلة الطويلة كانت أصوات الركاب تصدح بالشهادة وتوديع الأهل والأقارب، بينما جزء من الحافلة عالق وسط قنطرة “واوغرت” بمدخل مدينة طاطا، بعد انهيار جزء منها بسبب قوة السيول.
لم تتمكن الحافلة من الصمود وسط السيول حيث استسلمت أخيرا للقدر، بعدما تمكن 13 راكبا من النجاة بعد تمكنهم من الخروج عبر سقف الحافلة والتمسك بسياج القنطرة، فيما توزع الركاب الآخرين بين غريق ومفقود.
الواد لا ينسى طريقه، إنها قوانين الطبيعة التي لا يمكن تغييرها، فبعد سنوات من الجفاف، عادت المياه إلى وادي طاطا بعد عواصف رعدية أنعشت السدود وأعادت الأمل في النفوس، غير أنها أخذت معها أرواحا عزيزة بدون رجعة..