بانوراما رمضان..  “بيزيز” قصة إسرائيلية نجت من زلزال أكادير عام 1960

أكاديرإنو

تنشر جريدة أكاديرإينو  بتعاون مع جريدة le12.ma، طوال الشهر الفضيل، ربورتاجات وبورتريهات حول أشخاص وأمكنة من سوس العالمة، كان لها الأثر في أحداث ووقائع يذكرها الناس ويوثقها التاريخ..

حلقة اليوم مع قصة أورنا بيزيز، الكاتبة الإسرائيلية الشهيرة والتي نجت بأعجوبة من زلزال أكادير عام 1960.

سامية أوتزنيت

’’أكادير، مدينة أحلامي ومدينة كابوسي‘‘.

لم تكن أورنا بيزيز، تتجاوز العاشرة من عمرها، عند وقوع فاجعة زلزال أكادير 1960. وتتذكر جيدا كيف استيقظت على وهل الصدمة في منتصف الليل، لتجد نفسها تحت الأنقاض، حيث وفقدت والدها وشقيقتها.

“معظم الذين لقوا حتفهم ليس لديهم قبر، لقد تم دفنهم في مقابر جماعية.. لم أكن على علم بهذه الحقيقة حتى تأكدت منها‘‘، تضيف أورنا وهي كاتبة إسرائيلية من أصل مغربي قح.

من بين حوالي 2300 من يهود المدينة، بقي حوالي 800 فقط. كثير منهم فقدوا أفراد عائلاتهم في الزلزال الكبير، 5.75 على سلم ريختر.

في النهاية هاجر معظمهم إلى إسرائيل وأسسوا عائلات، لكنهم يمشون بين الحشود، وما زالت قصصهم المنسية ترافقهم مثل الظل العنيد.

د. أورنا بيزيز، إحدى الناجيات من زلزال أكادير، أخذت على عاتقها مهمة حياتية: سرد القصة المؤلمة لمجتمع بأكمله.

الصدمة وما بعد الصدمة

قررت أورنا بيزيز بعد عقود من الحادث الأليم، أن تجمع شهادات الناجين، لتروي القصة غير المنسية بتفاصليها المؤلمة. قاومت الطفلة الصدمة وكبرت اليوم لتصبح دكتورة تدرس في الجامعة ’’ الصّدمة وما بعد الصّدمة” انطلاقا من أبحاثها حول كارثة أكادير.

فصدر كتاب “زلزال أكادير: قصة ناجية 1960- 2020″، في 385 صفحة، حكت اورنا بيزيز ـ أو باعزيز باللفظ المغربي ـ، من خلاله تاريخ المدينة، واستعرضت فيه شهادات ناجين.

ولدت الدكتورة أورنا باعزيز، في أكادير سنة 1949، واسمها الأصلي ريجين ريبوح. مغربية يهودية (71 عاما)، أم لأربعة أطفال، وجدة لثمانية أطفال، ويتيمة منذ 60 عاما.

تعيش في القدس حاليا، حيث كانت تشغل منصب أستاذة اللغة والثقافة العبرية والأدب العبري في أكاديمية التربية والتعليم لتكوين الأساتذة.

هاجرت عقب زلزال أكادير إلى إسرائيل ثم سافرت بعدها إلى فرنسا من أجل الدراسة، حيث نالت شهادة الدكتوراه في الأدب العبري والحضارة من جامعة السوربون سنة 1996.

تسعى الدكتورة بيزيز، من خلال كتاباتها عن زلزال أكادير، تكريم أرواح ضحايا هذه الفاجعة الأليمة، في حوار لاستعادة الذكريات يجمعها وحفيدتها المتعطشة لمعرفة كل شيء عن أصول جدتها وماضيها.

أورنا وعشقها لأكادير

تقول الكاتبة في وصف مدينة أكادير أنها مدينة المولد والصبا ذات الرمال الذهبية. ’’ مدينة أحلامي؛ المدينة التي تسطع فيها الشمس 365 يوما في السنة؛ المدينة التي تستحمّ مستــشـمسةً على طول واحد من أجمل شواطئ الدنيا’’.

ثم تسترسل في وصف جمال المدينة قائلة: ’’ يمتد شاطئها البحري على طول تسعة كيلوميترات يعطّـرها عبيرُ الصنوبر، والطرفاء، والكاليبتوس؛ مدينة حديثة وعصرية؛ مدينة للراحة والاستجمام رحبة الشوارع، ومزهرة الحدائق؛ فنادقها حافلة بالسواح؛ مدينة الوفرة الكبرى للخيرات السمكية والفلاحية‘‘.

وأردفت قائلة: ’’ العالم بأسره يتحدث اليوم عن مظاهر طيب الحياة في أكادير. إنها مدينة التحديات المقبلة للبناء والتحديث، المدينة التي بـُـعثت من جديد من ركام خرابها، مدينة باركها الله. أكادير، مدينة أحلامي ومدينة كابوسي‘‘.

هو الكابوس الذي لم يفارق أورنا الطفلة، بل رافقها حتى بعدما صارت جدة. لتصف مشهد تلك الليلة الأليمة بكثير من الحزن والشجون.

فكتبت في مؤلفها قائلة: ’’ في ليلة 29 فبراير 1960، الموافق للثالث من شهر رمضان، ليلة “الثلاثاء البدين”، وبدر جديد من شهر آذار اختفت المدينة التي كانت تشرق فيها الشمس 365 يوما في السنة، في اليوم الـ366 من العام 1960: فقد اهتزهت الأرض عند الساعة 23:40:14 ليلا بقوة 6.7 درجة على مقياس ريشتر. كانت 12 عشرة ثانية كافية لمحو معالم مدينة كاملة وهلاك جانب كبير من سكانها‘‘.

حاكادات أكادير

للكاتبة أورنا باعزيز العديد من المقالات والمؤلفات في الثقافة والحضارة والأدب منها ـ إلى جانب كتاب زلزال اكاديرـ مؤلف ’’ حاكادات أكادير: رواية مدينة مهدمة”، أول أعمالها باللغة العبرية، صدرت صيف عام 2008.

استغرق العمل هذا المؤلف ست سنوات، قامت فيها الكاتبة بزيارات عديدة إلى فرنسا وكندا والمغرب لجمع الأرشيف والشهادات.

وتأتي هذه الرواية في حجم متوسط، تؤرخ للذاكرة اليهودية المغربية بزلزال أكادير. تضم ثلاثة أبواب أساسية، يتطرق الأول إلى تاريخ المدينة وإشكالية التأسيس والتطور التاريخي للمدينة والتنمية والسكان.

فيما يتطرق الباب الثاني إلى الجانب الإثنوغرافي للمدينة. وخصصت الكاتبة الباب الثالث من الرواية للتدقيق في أسماء الضحايا الذين لقوا حتفهم في الزلزال من اليهود وأماكن وجود قبورهم وبلغ عدد صفحاته 260.

يشار إلى أن أعداد اليهود الذين قضوا نحبهم جراء زلزال أكادير بلغ حوالي 1500 فقيد، من بين 2300 يهودي قطنوا بالمدينة آنذاك.

ومن بينهم ياكوف ريبوح والد اورنا باعزيز ( أو ريجين ريبوح)، وأختها الصغرى ليا. فيما نجا كل من أخيها الأصغر موشيه، وأختها الكبرى سوليكا مونيك، ووالدتها مسيودي ريبوح، الذين هاجروا جميعا رفقة اورنا إلى إسرائيل عقب زلزال أكادير.