صدر حديثا عن مطبعة طباعة ونشر سوس بأكادير، رواية جديدة للكاتب والفنان التشكيلي الأستاذ هشام فتح الله، عبارة عن سيرة ذاتية تحت عنوان “الرأس والحقيبة.. يوميات محام”.
وقد سعت هذه الرواية التي تقع في مساحة ورقية من الحجم المتوسط تنحصر في 316 صفحة مكونة من 37 فصل، والمزينة بلوحة تشكيلية للمؤلف نفسه، سعت هذه الرواية إلى رصد محطات مهمة من حياة المؤلف.
فمنذ الصفحة الأولى ندرك الجهد الذي يبدله الكاتب من أجل وضع المتلقي في سياقات مختلفة، مستخدما مرجعياته التاريخية والمعرفية لتأطير فترة زمنية مهمة، على مستوى الخطاب السياسي وتحولاته وعلى المستوى الثقافي وتجلياته في العادات والتقاليد والأحاسيس الإنسانية وغير ذلك.
إنها مغامرة من نوع خاص وفق أسلوب اختاره الكاتب عن عمد ليمكنه من استحضار فترات مهمة من تاريخ منطقة هوارة وتارودانت وسوس بشكل عام، أسلوب حاول من خلاله رسم معالم مراحل متعددة من تاريخ المنطقة بكل عنفوانها السياسي والأخلاقي. ومتغيراتها الاجتماعية والحضارية.
«الرأس والحقيبة» تضعنا بشكل مباشر في حقبة زمنية خصبة، عاشها الكاتب على مستوى الفكر السياسي والتحولات الاجتماعية والثقافية، وهي الفترة التي تزامنت مع ولوج السارد إلى كلية القانون وبداية رحلة تحقق الذات في مهنة المحاماة.
سنتمكن عبر السرد الخطي من معرفة خبايا مهنة المحاماة التي عاش الكاتب تفاصيلها واطلع على خباياها من خلال الممارسة والتجربة، كما سنتمكن أيضا من معرفة اهتماماته وعشقه للأدب والفن التشكيلي الذي مارسه بحرفية، وكأنه يريد أن ينسلخ من قيود القانون، إلى رحابة الفن والأدب حيث يتسع الحلم ويمتد الخيال.
ستعرف من خلال هذه الرواية عن شخصية المرحوم محمد زهير، وهو بالمناسبة كان يشغل منصب مندوب لوزارة الثقافة بتارودانت وفنان تشكيلي من طينة الكبار، سنتعرف من خلال شخصيته التي تتسم بالحكمة وإشراقاته الفلسفية، عن جوانب مهمة عن شخصية فنان متمرد وإطار نذر حياته لخدمة الشأن الثقافي بالمنطقة.
«الرأس والحقيبة» تؤشر على مفهوم الهوية وعلاقة الذات بالآخر، وهي تذكرنا بتحفة الراحل الطيب صالح “موسم الهجرة إلى الشمال” من خلال علاقة الجنوب بالشمال. ومن خلال رحلة السارد من مدينة الدار البيضاء حيث الصخب والحياة إلى مدينة أولاد تايمة حيث السكون والسكينة.
والرواية في مجملها هي عصارة تجربة طويلة تمكن خلالها المؤلف من الاطلاع على المنطقة وعلى قضايا الناس، وهي تأمل في البيئة من خلال رصد أثر التغيرات المناخية على البيئة وحياة الناس، تغيرات حولت واد سوس إلى خلاء بعدما كان رمزا للخير والنماء.
وهي تأمل في الإعلام من خلال الحديث عن الثورة التكنولوجية والثقافة الإلكترونية والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، والهاتف النقال من خلال استدعاء شخصية من التاريخ وهي بن عاصم الغرناطي، من أجل إضفاء بعد رمزي وعجائبي على مجريات الأحداث.
يذكر أن مؤلف رواية “الرأس والحقيبة” الأستاذ فتح الله هشام هو كاتب وفنان تشكيلي ومحامي صدرت له إسهامات أدبية وشعرية عديدة منها ديوان “بين الجسد والروح” صدر عن دار النشر المغربية سنة 1999 ويضم عشر مجموعات شعرية، وكتاب “دروب” خواطر وتأملات، صدر عن نفس الدار سنة 2005، وروآية “آخر حبات العنقود” صدرت ضمن منشورات المرافعة عن هيئة المحامين بأكادير والعيون سنة 2011، وكتاب “نبض العدالة” أفكار وتأملات في العدالة والقانون صدر سنة 2013 عن مطبعة الورود بإنزكان.