كما هو الحال في كل عيد الأضحى بمنطقة سوس، يعود النقاش من جديد حول عادة “بيلماون“، بين مؤيد ومعارض، وبين مؤيد بشروط، ومعارض جملة وتفصيلا، ولكل فصيل حججه سواء للدفاع عن هذا الموروث أو رفضه.
ومن النقاط التي تعود للنقاش، تلك التي يدعي فيها البعض تملكه للصورة الحقيقية التي يجب أن يظهر عليها “بيلماون”، ويعتبرونها الصورة “الأصيلة” التي لا يجب أن يخرج عنها. وهي في الحقيقة لا تعدوا أن تكون تلك الصورة التي وجد عليها هذا الموروث خلال فترة شبابه، ولم ينتبه لكونها بنفسها تعكس فقط سياقها التاريخي والإمكانيات المتوفرة آنذاك، وهي بطبعها بسيطة ومحلية، وتقل فيها المؤثرات الخارجية، لمحدودية الإتصال بما يقع في العالم.
كما أن الأدوار التي كان يلعبها “بيلماون” في كل سياق مرتبطة بالسياق نفسه. لكن لا أحد كلف نفسه البحث عن طريقة ممارسة “بيلماون” قبل سنوات الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات التي يعتبرها البعض مرجعه في تحديد هوية “بيلماون” المطلوبة اليوم. فلو عاد جيل القرن التاسع عشر، لوجد أن “بيلماون” أواسط القرن العشرين قد تغير كثيرا.
مبرر هذا القول هو ما نسمعه اليوم من خطابات تسعى لمنع “بيلماون” من أن يظهر اليوم وعليه تأثيرات سياق بداية القرن الواحد والعشرين، حيث يتوفر الشباب على إمكانات إبداعية أكبر، ويعيشون سياق العولمة سمح لهم بمشاهدة كرنفالات عالمية، وتأثروا بها، كما تأثر إزنزارن بألحان الأفلام الهندية من سينما كوليزي، وأصبحت اليوم جزءا من هويتنا، بعدما رفضهم في البداية جيل الروايس.
ولعل تتبع تطور الكرنفالات العالمية يسمح لنا بفهم ما يقع اليوم في “بيلماون”، ويفضي الشرعية على كل الإبداعات الشبابية وكل الخطابات التي تحملها، لأن الكرنفال خلق ليعطي للمجتمعات فضاء حرا للخروج عن المألوف، وكسر القواعد، وإنتاج خطابات نقدية للمجتمع تساير كل سياق. وككل الكرنفالات العالمية، التي كانت في البداية خاصة بالذكور، بدأت الفتيات أيضا تلجن ممارسة “بيلماون”، كما ولجن فضاءات أخرى كانت في البداية حكرا على الرجال.
إن موروث بيلماون نتاج مجتمعي ويتأثر بتطوره، ويعكس الموضوعات المطروحة في كل سياق، ولا يمكن أن تفرض عليه هوية معينة يعتقد البعض أنها “صورته” المثالية.
* الحسين بويعقوبي (أستاذ باحث في الثقافة الأمازيغية)