بانورما رمضان.. “أغناج”.. قصبة مهيبة أحكم بها القايد الحاحي قبضة “المخزن” على “سوس”

تنشر جريدة “أكاديرإنو” بتعاون مع جريدة “le12.ma” طوال الشهر الفضيل، ربورتاجات وبورتريهات حول أشخاص وأمكنة من سوس العالمة، كان لها الأثر في أحداث ووقائع يذكرها الناس ويوثقها التاريخ

  في حلقة اليوم يأخذكم هذا الربورتاج في رحلة إكتشاف قصة “أغناج”.. قصبة مهيبة أحكم بها القايد الحاحي قبضة “المخزن” على “سوس”.

سامية أتزنيت

“أغناج” واحدة من أقدم القصبات التاريخية الواقعة بإقليم تيزنيت. تقع القصبة بجوار “العين الزرقا” الشهيرة، والمعروفة لدى السياح.
لهذه القصبة البالغ مساحتها الإجمالية 6704 متر مربع (حين إنشائها أول مرة)، قصة تاريخية طويلة، وارتبط اسمها بالقائد الحاحي محمد أغناج. فمن يكون؟ وما حكاية هذه القصبة؟

قصبة مهيبة بقلب تيزنيت

ستكون في مدينة تيزنيت، التي لاتبعد سوى بـ95 كيلومترا عن مدينة أكادير، على موعد مع اكتشاف قصبة أغناج التاريخية. وهي معلمة شيدت سنة 1820 للميلاد، على مساحة تزيد عن ستة آلاف متر مربع. وتتحصن القصبة بأسوار وأرباج خمس للمراقبة، مطلة على “العين الزرقا”. عين متدفقة وسط المدينة، يقال بحسب الموروث الشعبي، أنها اكتشفت بالصدفة من طرف امرأة مغمورة.

في ما تحكي أسطورة واردة في الموروث الشعبي للمنطقة، عن أن العين تفجرت لفتاة هربت من إحدى القبائل، و هي من اكتشفت هذه العين رفقة كلبها، في حين هناك من يُقر بأن “تيزنيت” هي بنت ملك أمازيغي قديم.

وفي رواية أخرى يقال إن امرأة اسمها “للا زنينية” أو “زينينا” كانت تائهمة منهكة القوى، أخذت تدعو الله لينقذها من الموت جراء العطش، فنبش كلب كان يرافقها في الأرض لتتدفق عين مياهها صافية، ارتوت بها وكلبها. 

ويرجح أن هذه العين كانت بداية تأسيس النواة الأولى لتجمع “أيت تزنيت”، ومهد استقرار الحاضرة هناك بعد نزوح جماعات وافدة من مناطق  مختلفة، كونت في نهاية المطاف التجمعات المعروفة، وهم “إيدضلحة”، “إيداكفا”، و”إيداومكنون”، و”إيدزكري” و “أيت محمد”. وتم ربط منبع العين بالمجال المسقي (تاركا) عبر خطارات، كما شكل الموقع مجالا لمجموعة من الطقوس خاصة ما يرتبط بطقس الزواج.

القائد الحاحي محمد أغناج

وبالعودة إلى القصبة، فقد تم إطلاق تسمية “أغناج” عليها نسبة إلى القائد محمد أغناج الحاحي، الذي يعتقد أنه عاش في الفترة ما بين سنتي 1792 و 1822.

وكان هذا الأخير قائد الحملات العسكرية التي شهدتها المنطقة، لبسط نفوذ وسيطرة المخزن على وادي ماسة، بأمر من السلطان مولاي سليمان سنة 1810 للميلاد.

وقرر اغناج تشييد معسكره في هذا المكان، كي تتمكن قواته من الاستفادة بسهولة من مياه العين الزرقاء، ونظرا للموقع الاستراتيجي الذي بنيت عليه القصبة العسكرية. وحول القائد أغناج “تيزنيت” آنذاك إلى مركز رئيسي لضبط الأمن محليا، ومنطلق لتنفيذ مزيد من الحملات العسكرية المخزنية على مجموع مناطق سوس. ولذلك تلقب القصبة أيضا بـ”القصبة المخزنية”.

وقد اضطلعت القصبة أيضا بأدوار تجميع القوات، التي كانت تستهدف إضعاف نفوذ إمارة “إيليغ” بالمنطقة. وكانت دعامته الأساسية في ذلك قبائل الأزغار. 

و”إيليغ” هي إمارة أسسها “أبو حسون السملالي”، في أواخر عهد الدولة السعدية. وفي يوم الأحد 15 صفر 1081 هجرية دخلها السلطان العلوي الرشيد بن الشريف، وأعلنت بلاد سوس طاعتها، وتعرضت عاصمتها “ايليغ” ـ الواقعة وسط قبيلة “تازروالت” ببلاد سوس ـ للهدم في إطار حملته للقضاء على الإمارات وتوحيد المغرب الأقصى.

مرافق القصبة وحكاياتها

عند الوصول من أكادير، ستدخل الأسوار عبر باب أولاد جرار، منعطفا يسارا في شارع المستشفى للوصول إلى ساحة “المشور” والحديقة. وشمال شرق الساحة، ستقودك جميع الطرق إلى القلب التاريخي لمدينة “تيزنيت” وإلى قصبة “أغناج” التي تجاور العين الزرقاء، والجامع الكبير ومئذنته ذائعة الصيت.
استعملت مرافق القصبة لسنين قديمة كسجن إداري ثم مدني، واستغل جزء منها إلى بداية القرن الواحد والعشرين كمستودع بلدي وكمركز للتكوين المهني ثم حديقة بلدية. 

هذا قبل أن يستعيد مجلس  المدينة مرافق القصبة مؤخرا لترميمها (وتبلغ مساحتها الإجمالية حاليا 2178 متربع مربع فقط) لتضم متحفا للتراث وتتحول إلى مزار فني مع قاعة عروض ومركز تدريب على الحرف اليدوية المغربية، كل ذلك في إطار برنامج وزاري، لإعادة الاعتبار، للنواة التاريخية الأولى لمدينة “تيزنيت”.

*مصادر أخرى:
كنتب – صحف – سوشل ميديا