بانورما رمضان.. ’’أكادير أوفلا‘‘.. قلعة القبطان وتحدي نوائب الزمان

تنشر جريدة أكاديرإنو  بتعاون مع جريدة le12.ma، طوال الشهر الفضيل، ربورتاجات وبورتريهات حول أشخاص وأمكنة من سوس العالمة، كان لها الأثر في أحداث ووقائع يذكرها الناس ويوثقها التاريخ..

حلقة اليوم هي عبارة عن سفر قي تاريخ، ’’أكادير أوفلا‘‘.. قلعة القبطان الني واجهت بشموخ نوائب الزمان.

سامية وتزنيت

قصبة ’’أڭادير أوفلا‘‘ معلمة تاريخية بامتياز، تقع على قمة جبل بعلو يناهز 236 مترا فوق مستوى سطح البحر، في الجانب الشمالي لمدينة أكادير بالقرب من الميناء الحالي.

كانت تضم القصبة المدينة القديمة، النواة الأولى لأكادير، وقد تأثر جزء كبير منها بزلزال سنة 1960 الذي ضرب المدينة وأدى إلى زوالها.

عام 2020 انطلق مشروع تأهيل قصبة ’’أڭادير أوفلا‘‘، بهدف تأهيل وترميم أسوار القصبة والتزيين الداخلي، مع إزالة العناصر الإسمنتية، وتهيئة المرافق الخدماتية. كما شمل برنامج المشروع ترميم الأضرحة، ووضع نصب تذكاري، وتشوير المسارات والمجال المحيط بالقصبة والمؤدي إليها.

ويرتقب أن تشهد القصبة التاريخية تشييد مرافق سياحية من قبيل المطاعم والمقاهي، ومكتب للإرشاد السياحي، والمتاجر السياحية، ومتحفا أمازيغيا، وغيرها من المرافق الضرورية.

مخطط مستقبلي يدخل ضمن برنامج التنمية الحضرية لأڭادير 2020 – 2024 الذي اطلقه الملك محمد السادس، والذي أعاد إلى القصبة صورتها الأولى.

فقد تمكن فريق متعدد التخصصات، مكون من علماء آثار ومؤرخين وعلماء انثروبولوجيا ومعماريين مهندسين، من إعادة بناء جدران الواجهة الشرقية للقصبة،المصنفة تراثا تاريخيا منذ عام 1932 .

واستخدم الفريق في ذلك مواد محلية وتقنيات قديمة، أرجعها إلى النحو الذي كانت عليه سنة 1960 حسب ما أثبته علماء الآثار.

“أكادير أوفلا‘‘ والقبطان البرتغالي

’’أكادير أوفلا‘‘ تعني حين تقسيمها إلى كلمتين أمازيغيتين، هما أكادير وترمز إلى ’’الحصن‘‘  أو ’’المخزن‘‘، وكلمة ’’أوفلا‘‘ وتعني ’’فوق/ أعلى‘‘ أو ’’العليا‘‘. لذا فإن التسمية تشير إلى الحصن/ المخزن الموجود في أعلى الجبل.

بنيت عام 1540م على يد السعديين، وتحديدا السلطان محمد الشيخ السعدي.

وكان الهدف من بناء قصبة مطلة على كل المدينة من أعلى الجبل، التحكم في ضرب البرتغاليين، الذين استقروا عند قدم الجبل منذ 1470 م، أثناء بحثهم عن طريق جديدة صوب الهند.

وبنى البرتغاليون عند الساحل قرب ’’عين فونتي‘‘ حصنا، وأقاموا على سفح الجبل برجا آخر لمراقبته، مما دفع السعديين إلى بناء القصبة على قمة نفس الجبل.

ولو بدا أن بناء القصبة، كان لأسباب عسكرية، بغرض حماية المدينة ومينائها من الغزوات الأجنبية المحتملة، إلا أن أول من وضع الحجر الأول لبناء قلعة صغيرة على قمة الجبل، هو القبطان البرتغالي ’’جواو لوبيز دي سيكويرا‘‘، سنة 1505 وكان ذلك من أجل حماية مصدر للمياه العذبة.

  وفي عام 1513 اشترى ملك البرتغال ’’مانويل الأول‘‘ هذا الحصن الصغير، وأطلق عليه اسم ’’سانتا كروز دو كابو دي أجوير‘‘.

    وفي العام 1536 أعلن السلطان القائم بأمر الله السعدي الحرب على الغزاة إلى أن استولى ابنه محمد الشيخ المهدي أخيرا على المدينة.

وبعدما أصبح حاكما سنة 1540 أمر ببناء القصبة، وأحاطها بأبراج محصنة وعززها بما يترواح بين 40 و 50 بندقية للدفاع عن المدينة.

زلزال لشبونة الكبير

إذا كنت تعتقد أن قصبة ’’أكادير أوفلا‘‘ تعرضت للهدم بسبب زلزال 1960 وحده، فأنت مخطئ. لأن القصبة سبق وتعرضت للتدمير في الفاتح من نونبر سنة 1755 ميلادية، خلال زلزال لشبونة الكبير.

واحد من أشد الزلازل فتكا وتدميرا في تاريخ البشرية، حيث قٌتل ما بين 60 و100 ألف شخص، حسب إحصاءات غير رسمية.

وتلا هذا الزلزال موجة مد بحرية ضخمة (تسونامي) وحرائق أدت إلى تدمير شبه كامل لمدينة لشبونة.

و لقي 10 آلاف مغربي حتفهم خصوصا في المدن الساحلية منها طنجة وأصيلة والعرائش وآنفا (الدار البيضاء حاليا) وآسفي ومازاغان (الجديدة  حاليا) وموگادور (الصويرة حاليا).

وفي سلا حيث غير التسونامي تشكيل مصب وادي أبي رقراق، اما في الرباط دمرت الأعمدة قرب صومعة حسان وقبة المئذنة،  وفي أگادير تدمرت القصبة. ليعاودها مجددا زلزال 1960،  تاركا وراءه حٌطام السنين.

مشاهد من التاريخ

بعد طرد البرتغاليين، تناقصت أهمية قصبة ’’أكدير أوفلا‘‘ حتى أعاد الغالب بالله السعدي إحياءها، بأن بنى فيها مرافق عدة.

فتحولت إلى مدينة صغيرة تعج بالحركة و الحياة، يتعايش فيها المسلمون واليهود جنبا إلى جنب، إذ ضمت القصبة آنذاك  حي الملاح وجامع لليهود.

وكانت القصبة قبل الزلزال، تتكون من سور خارجي مدعم بالأبراج، له باب مصمم بشكل ملتو، وذلك لأغراض دفاعية.

كما ضمت مسجدا كبيرا، ومشفى، ومبنى الخزينة، فضلا عن المنازل والأزقة والساحات الصغرى، وأضرحة من أهمها ضريح سيدي بوجمعة أكناو خاص بطائفة كناوة وضريح للايامنة.